في (الصحيح) عن ابن المسيَّب عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل، فقال له: (( يا عم، قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله ) ). فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فأعاد عليه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فأعادا، فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب. وأبى أن يقول: لا إلاه إلا الله. فقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( لأستغفرن لك ما لم أنه عنك ) ). فأنزل الله عز وجل: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [1] الآية.
وأنزل الله في أبي طالب: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ} [2] .
[الشرح]
فقد قال الإمام المؤلف المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: (باب قول الله تعالى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} .)
ومناسبة هاذا الباب لكتاب التوحيد ظاهرة، وهي: أنَّ الهداية من الله جل وعلا، وأنها له -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ملكًا، فلا تُسأل من غيره، فمن سأل الهداية أو طلبها أو ظنها في غير الله جل وعلا فإنه قد أخطأ ووقع في شرك الربوبية وفي شرك الإلهية: في شرك الربوبية حيث جعلها من فعل غيره، وفي شرك الإلهية حيث سألها من غيره، هاذه مناسبة هاذا الباب لكتاب التوحيد.
(1) سورة: التوبة، الآية (113) .
(2) سورة: القصص، الآية (56) .