الشاهد في الحديث قوله: (( ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ) ). وهاذا فيه حكم النذر إذا كان معصية، وتقدم لنا أن المعصية هي مخالفة أمر الله ورسوله، وأعلى ما يكون في المعاصي الشرك بالله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، فمن نذر شركًا ما حكم الوفاء بالنذر في الشرك؟
يحرم أن يفي به؛ لأجل أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (( ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ) ).
إذا حرم عليه الوفاء به هل يلزمه بنذر المعصية شيء؟
هذة مسألة وقع الخلاف فيها بين أهل العلم في نذر المعصية إذا نذره الإنسان، اتفقوا على أنه لا يجوز له أن يفي بالنذر؛ لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (( ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ) ). ووقع الخلاف بين العلماء إذا ما نذر نذر معصية هل تجب بنذره كفارة أو لا؟ قولان:
الجمهور على أنه لا كفارة.
والقول الثاني أن فيه الكفارة، وهو قول ابن القيم، واختاره شيخنا عبد العزيز بن باز وشيخنا محمد العثيمين - رحم الله الجميع -، واستند القائلون بوجوب الكفارة في نذر المعصية إلى حديث عائشة عند الخمسة وعند الإمام أحمد وأصحاب السنن، وفيه قالت: (( لا نذر في المعصية، وكفارته كفارة يمين ) ). ويدل له أيضاً عموم حديث عقبة في صحيح مسلم: (( كفارة النذر كفارة اليمين ) ). وهاذا لا إشكال فيه إذا ما كان النذر نذر معصية دون الشرك، أما إذا كان النذر شركاً فقد قال شيخ الإسلام رحمه الله: إنه لا ينعقد، يعني: لا يثبت به شيء، يجب على صاحبه أن يتوب، ولا يترتب على قوله شيء، ولا تلزمه كفارة، ولا يلزمه إلا التوبة والاستغفار، وهاذا لا إشكال فيه، وهو الصحيح فيما لو نذر نذراً شركيّاً، أما إذا نذر نذر معصية؟ ففيه الخلاف الذي ذكرناه: قول الجمهور، وقول ابن القيم ومن اختاره.