الصفحة 202 من 952

وأما (من نبيك) فمأخوذ من أنّهم رجعوا إليه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في طلب التّشريع، هاذا من وجه، والوجه الذي ذكره المؤلف -رحمه الله- ظاهر أيضًا في أنه وقع ما أخبر به النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فإنّ الإخبار بالغيب لا يكون إلا من رسول؛ لأن الله جل وعلا لا يظهر الغيب إلا لمن ارتضى من رسول كما قال -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [1] ، وهاذا استثناء حاصر - انتبه - أنه لا يظهر الغيب على وجه متحقّق متيقن لا تخلف فيه إلا للرّسول، أما غيره فقد يظهر له شيء من الغيب كما يكون في الرؤى لكنه ليس متحققًا ولا متيقنًا، وهاذا وجه الحصر في قوله: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} فكون النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخبر بما سيكون في المستقبل، يخبر بالغيب ثم يقع وفق ما أخبر فإن ذلك يدل على نبوته -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

قال: (وأما(ما دينك) فمن قوله: (اجعل لنا) إلى آخره)، حيث طلبوا منه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يجعل لهم هاذه الشجرة محلاًّ لنوط الأسلحة والعكوف، ودل ذلك على أن الشرع يتلقى منه وأن الدين ما جاء به -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فهاذا يدل على نبوته كنا تقدم، ويدل أيضًا على أن الدين ما شرعه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

[المتن]

الحادية والعشرون: أن سنة أهل الكتاب مذمومة كسنة المشركين.

[الشرح]

(1) سورة: الجن الآيات (26 - 27) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام