هاذا الباب مناسبته لكتاب التوحيد ظاهرة: فإن المؤلف -رحمه الله- عقده لبيان التوحيد الذي تقدم فضله وفضل من حققه وفضل الخوف ووجوب الخوف مما يضاده. المهم يبين لنا ما تقدم مما سبق الكلام عليه في الأبواب السابقة.
ما هو التوحيد الذي تقدم؟
سيبينه المؤلف رحمه الله لنا في هاذا الباب، لكن بيان المؤلف رحمه الله للتوحيد في هاذا الباب بيان مجمل يتبعه البيان المفصل، وذلك ما أشار إليه رحمه الله في قوله: (وشرح هاذه الترجمة ما بعدها من الأبواب) . أي تفصيلها وبيان ما بعدها من الأبواب على وجه الكمال.
فسلك المؤلف -رحمه الله- في بيان التوحيد مسلكين.
المسلك الأول: البيان الإجمالي للتوحيد.
والمسلك الثاني: البيان التفصيلي.
أما البيان الإجمالي فهو بيان الأصول التي لا يتحقق التوحيد إلا بها.
أما البيان التفصيلي فهو شرح لتلك الأصول وما يندرج تحتها.
واعلم أن هاذا المسلك -وهو الإجمال والتفصيل- مسلك نبوي: فإن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما سُئل عن الإسلام والإيمان والإحسان بيّن ذلك على وجه الإجمال، ثم كان تفصيل ذلك وبيان تلك المجملات في سائر ما جاء عنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سنته، والتوحيد الذي يتكلم عنه المؤلف -رحمه الله- تفسيرًا في هاذا الباب وما بعده هو تفسير توحيد الإلهية؛ لأنه هو الذي عقد الكتاب لأجل بيانه وألّف هاذا المصنف فيه.
ويبين هاذا قوله رحمه الله: (وشهادة أن لا إلاه إلا الله.) فإن الواو هنا عاطفة، وهو من باب عطف ماذا؟ من باب عطف المترادفات؛ لأن التوحيد هو شهادة أن لا إلاه إلا الله.
مَن يبين لنا أن دليل التوحيد يرادف شهادة أن لا إلاه إلا الله؟ نعم، القول في الروايات المتقدمة في حديث معاذ، فإنهم قالوا: (( فادعهم إلى أن يوحدوا الله ) ). وفي رواية: (( فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ) )تقدم هاذا.