وكان أحمدُ وغيرُهُ (1) يجعَلُونَ مِن أصولِ السُّنَّةِ: التمسُّكَ بما عليه الصحابةُ.
القِسْم الثاني: مَن عُرِفَ بالأخذِ والروايةِ عن بني إسرائيلَ؛ فذلك مما يُتوقَّفُ فيه، ولا يُثرَّبُ على مَن حكى المَرْوِيَّ كما حكاه الصحابيُّ؛ ما لم يَكُنْ في ذلك شُبْهةٌ على سامِع.
وأمَّا التابِعونَ: فما جاء عنهم مِن مَرْوِيَّاتٍ في الصفاتِ؛ كصفةِ الرُّكْبةِ -رواها مجاهِدٌ عن عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ (2) - فإذا لم يَكُنْ في الباب ما يعضُدُها مِن مرفوعٍ أو مقطوعٍ، فالأصلُ عدمُ الاحتجاجِ بذلك؛ لأنَّ التابِعِينَ -خاصَّةً الحجازيِّين- وإنْ لم يختلِفُوا في هذا الباب، ولا يقولونَ برأيِهم فيه، إلا أنَّ قولَهم في ذلك مِن جِنْسِ المُرسَلَاتِ إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-؛ فالأصلُ التوقُّفُ، حتى يَصِحَّ مَرْوِيُّهُمْ إلى صحابيٍّ.
والأئمَّةُ -كمالِكٍ وأحمدَ وغيرِهما- لا يجعَلُون قولَ التابعيِّ حُجَّةً مقطوعةً في الفروعِ والأصولِ، ولكنَّه يُستأنَسُ به ويُحتَجُّ به؛ لعَضْدِ أصلٍ قد ثبَتَ بدليلٍ آخَرَ.
للهِ الأسماءُ الحسنى؛ كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180] ، وليس له مَن يُشابِهُهُ في أسمائِهِ: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: 65] ، وكلُّ اسمٍ له معنًى؛ فيُثبَتُ الاسمُ والمعنى جميعًا؛ وذلك أنه مِن إحصائِها معرِفةُ مَعانِيها، والعمَلُ بمقتضَاها؛ كما قال -صلى الله عليه وسلم-:
(1) "شرح أصول الاعتقاد" (317) .
(2) "السُّنَّة"لعبد الله (1085 - 1087 و 1162 و 1163 و 1165 و 1166 و 1180 - 1183) .