بها منصورٌ، ومَنْ ترَكَها واتَّبَعَ غيرَ سبيلِ المؤمِنِين، وَلَّاهُ اللهُ ما تَوَلَّى، وأَصْلَاهُ جَهَنَّمَ، وساءت مصيرًا" (1) ."
قال مالكٌ:"أعجَبَنِي عَزْمُ عُمَرَ في ذلك" (2) .
وكان الأئمَّةُ مِن التابِعِينَ ومَن بَعْدَهم يعظِّمونَ عمَلَ الصحابةِ، وخاصَّةً الخلفاءَ، ويقدِّمُونَهُ على ظاهِرِ الحديثِ؛ ليس لأنه أجَلُّ منه، ولكنْ لأنَّهم أعلَمُ الناسِ بتفسيرِه.
قال مالكٌ:"والعمَلُ أثبَتُ مِن الأحاديثِ؛ قال مَنْ أَقْتَدِي به: إنه لَضَعِيفٌ أن يُقالَ في مِثْلِ ذلك:"حَدَّثَني فلانٌ عن فلانِ"، وكان رجالٌ مِن التابِعِينَ تَبْلُغُهم عن غيرِهم الأحاديثُ، فيقولون: ما نَجهَلُ هذا؛ ولكنْ مضى العمَلُ على خلافِهِ" (3) .
وكان محمَّدُ بن أبي بكرِ بنِ حَزْمٍ ربَّما قال له أخوهُ: لِمَ لَمْ تَقْضِ بحديثِ كذا؟ فيقولُ:"لم أَجِدِ الناسَ عليه" (4) .
وليس كلُّ عمَلٍ متقدِّمٍ يقدَّمُ على الحديث، بل ما قَرُبَ مِن الوحيِ زمانًا ومكانًا؛ فليس قربُ الزمانِ وحدَهُ كافيًا في تقديمِ العملِ؛ فلا يقدَّمُ قولُ كلِّ بلدٍ -مهما تباعَدَ- على الحديثِ، ولا قُرْبُ المكانِ وحدَهُ كافيًا في تقديمِهِ على الحديث؛ فليس كلُّ عمَلِ أهلِ المدينةِ مهما تباعَدَ زمانُهُ وتأخَّرَ كافيًا في تقديمِهِ على الحديث، بل قد يكونُ تقديمُهُ ضلالةً وشرًّا.
(1) "مسائل حرب" (1958) ، و"السُّنَّة"لعبد الله (766) ، و"السُّنَّة"للخلال (1329) ، و"شرح أصول الاعتقاد" (134) .
(2) "الجامع"لابن أبي زيد (ص 117) .
(3) "الجامع"لابن أبي زيد (ص 117 - 118) .
(4) الموضع السابق.