فهرس الكتاب
الصفحة 90 من 344

وسَمَّى كتابَهُ بالمفصَّلِ والبَيِّنِ؛ قال تعالى: {كِتَابٍ مُبِينٍ} [النمل: 75] ، وقال: {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [فصلت: 3] ، وأمَرَ كثيرًا بتدبُّرِهِ؛ قال: {لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص: 29] ، وقال: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} [النساء: 82] ، وقال: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ} [المؤمنون: 68] .

والقولُ بأنَّ آياتِ الصفاتِ مِن المتشابِهاتِ، وعلى هذا تُنفَى حقائقُها وتفوَّضُ، لم يُسبَقْ قائلُهُ بهذا؛ لا مِن الصحابةِ، ولا مِن التابعين.

* نسبةُ التفويضِ للسَّلَفِ:

وينسُبُ جماعةٌ التفويضَ إلى السلفِ؛ وذلك لأنَّ في بعضِ كلامِ بعضِهم ما يُتوهَّمُ منه التفويضُ؛ كقولِ بعضِهم في آياتِ الصفاتِ وأحاديثِها؛ كالزُّهْريِّ، ومكحولٍ:"أَمِرُّوا الأَحَادِيثَ كَمَا جَاءَتْ" (1) ، أو قولِ بعضِهم؛ كالأوزاعي، والثَّوْريّ، ومالكٍ، والليث، وأحمدَ:"أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ" (2) ، أو قولِ بعضِهم؛ كالوليدِ بنِ مُسلِم:"أَمِرُّوهَا بِلَا كَيْفٍ" (3) ، أو قولِ بعضِهم؛ كابنِ عُيَيْنةَ:"هِيَ كَمَا جَاءَتْ؛ نُقِرُّ بِهَا، وَنُحدِّثُ بِهَا بِلَا كَيْفٍ" (4) ، أو قولِ بعضِهم؛ كوَكِيعٍ:"نُسَلِّمُ هَذِهِ الأحَادِيثَ كَمَا جَاءَتْ، وَلَا نَقُولُ: كَيْفَ؟ وَلِمَ جَاءَ هَذَا؟" (5) ، ونحوِ ذلك مِن الأقوال.

ويَحمِلُونَ إمرارَ آياتِ الصفاتِ وأحاديثِها بمعنَى تَرْكِها حروفًا

(1) "شرح أصول الاعتقاد" (735) ، و"الرسالة الوافية" (19) .

(2) "الشريعة" (720) ، و"شرح أصول الاعتقاد" (930) ، و"الأسماء والصفات" (955) .

(3) "شرح أصول الاعتقاد" (875) ؛ نقلًا عن جماعة من الأئمة.

(4) "الصفات"للدارقطني (63) .

(5) "السُّنَّة"لعبد الله (495) ، و"الصفات"للدارقطني (62) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام