فهرس الكتاب
الصفحة 210 من 344

والحَوْضُ قبلَ الصراطِ في المَوقِفِ عند طُولِ المقامِ، بعد البَعْثِ ودُنُوِّ الشمسِ وشِدَّةِ العطش؛ فذلك أعظَمُ في المِنَّة، وأظهَرُ في النعيم.

والأظهَرُ: أنَّ للأنبياءِ حوضًا لهم ولأَمَمِهم، ولم يثبُتْ تخصيصُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- به، وأنَّه ليس للأنبياءِ مِثْلُه، والموقفُ فيه أنبياءُ وأولياءُ مِن غيرِ الأُمَّةِ، وحوضُ النبيِّ خاصٌّ به وبأمَّته، ومقتضَى رحمةِ اللهِ وفضلِهِ: عمومُ ذلك لأمثالِهم، وإنِ اختلَفَ النوعُ والسَّعَة؛ فالحاجةُ في ذلك الموقفِ عامَّةٌ لهذه الأمَّةِ وغيرِها.

وقد أنكَرَ الحوضَ بعضُ المادِّيِّينَ والمعتزِلةِ (1) ، مع كثرةِ الأدلَّةِ وتواتُرِها؛ وهذا مِن أعظَمِ البِدَعِ والضلالِ أنْ يُرَدَّ الدليلُ للنظر.

* حقيقةُ الإيمان:

* قَالَ ابْنُ أَبي زَيْدٍ: (وَأَنَّ الإِيمَانَ: قَوْلٌ بِاللِّسَانِ، وَإِخْلَاصٌ بِالقَلْبِ، وَعَمَلٌ بِالجَوَارِح) :

الإيمانُ: قولٌ وعمَلٌ واعتقادٌ؛ وهذه حقيقتُهُ؛ فللإيمانِ ظاهِرٌ وباطِنٌ؛ وهما متلازِمان، الباطنُ: الاعتقاد، والظاهِرُ: قولُ اللسانِ، وعمَلُ الجَوَارِح، وإنِ اختلَفَتْ عباراتُ السلفِ في بيانِ ذلك، إلا أنَّهم لا يَختلِفُونَ على حقيقةِ الإيمانِ تلك، وقد حكَى ابنُ عبد البَرِّ الإجماعَ على ذلك (2) .

وقد كان مالكٌ يعبِّرُ عن ذلك بعباراتٍ:

فتارَةً يقولُ: الإيمانُ: المعرِفةُ، والإقرارُ، والعمَل (3) .

(1) "التمهيد"لابن عبد البر (2/ 291) ، و"الانتصار"للعمراني (3/ 720) .

(2) "التمهيد" (2/ 291 و 9/ 238 و 243) .

(3) "مسائل حرب" (1610) ، و"السُّنَّة"لعبد الله (612) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام