وينقُصُ، والاستثناءُ يقَعُ على مقدارِه، لا على أصلِ ثبوتِه، وفيه دفعٌ لتزكيةِ النَّفْس (1) .
وأمَّا الاستثناءُ شَكًّا في الإيمانِ، فلا يجوزُ؛ وعلى هذا: يُحمَلُ ما جاء عن مالكٍ، لمَّا قيل له:"أقولُ: مُؤمِنٌ، واللهُ محمودٌ، أو: إنْ شاءَ الله؟ فقال: قل: مُؤمِنٌ، ولا تَخلِطْ معها غيرَها" (2) .
وبنحوِ هذا قال سُحْنُونٌ (3) .
فالاستثناءُ في الإيمانِ الذي عليه السَّلَفُ، هو أن يقولَ:"أنا مُؤمِنٌ إنْ شاء اللهُ".
ومِن أدلَّةِ ذلك: ظاهِرُ الكتابِ والسُّنَةِ والأَثَرِ؛ فاللهُ تعالى يقولُ لنبيَّه -صلى الله عليه وسلم- وأصحابِه: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفَتْح: 27] ، ويقولُ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- للمَوْتَى: (وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ) (4) ، ولا بُدَّ أنَّهم داخِلُونَ مَكَّةَ، ولا بُدَّ أنَّهم ميِّتون؛ فالاستثناءُ وقَعَ على أشياءَ، منها: الإيمانُ، وأنَّهم داخِلُونَ مكَّة، وأنَّهم لَاحِقُونَ بهم على الإيمانِ.
وأمَّا في الإسلامِ، فيقولُ:"أنا مسلِمٌ"، ولا يَستثنِي؛ كما نصَّ عليه أحمدُ وغيرُه (5) ؛ لأنَّ الإسلامَ أوسَعُ دائِرةً مِن الإيمانِ.
* قَالَ ابْنُ أَبي زَيْدٍ: (وَلَا يَكْمُلُ قَوْلُ الإِيمَانِ إِلَّا بِالعَمَلِ، وَلَا قَوْلٌ وَعَمَلٌ إِلَّا بِنِيَّةٍ، وَلَا قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَنِيَّةٌ إِلَّا بِمُوَافَقَةِ السُّنَّةِ:
(1) "الإيمان"لأبي عبيد (ص 34 - 38) .
(2) "الجامع"لابن أبي زيد (ص 122) .
(3) الموضع السابق.
(4) مسلم (249) من حديث أبي هريرة، و (974) من حديث عائشة، و (975) من حديث بريدة.
(5) "السُّنَّة"للخلال (1087 و 1088) ، و"الإبانة"لابن بطة (1201/ الإيمان) .