وأبو معمرٍ الكرخي (1) وغيرُهما.
وأمَّا البِدْعة الصغرى المضلِّلةُ: فكمَنْ وقَعَ في شيءٍ فيهم لم يثبُتْ بالتواتُرِ خلافُه، وإنْ صحَّ فيه الخبَر.
فهذا مبتاِعٌ؛ لعدوانِهِ على جَنَابِ الصحابةِ ولو كان واحدًا.
وخرَجَ مِن بِدْعةِ الكفرِ؛ لكونِهِ لم يُنكِرْ متواتِرًا معلومًا مِن الدِّينِ ضرورةً؛ كمَن يسُبُّ مَن صحَّ فضلُهُ ولم يتواتَرْ، أو ذَمَّ خَصْلةً فيه لم يثبُتْ بالتواتُرِ خلافُها؛ كالبُخْلِ والكذبِ والجُبْن، وإنما بُدِّعَ لعدوانِهِ على أصحابِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، ومخالفتِهِ لوصيَّتِهِ فيهم؛ كما قال -صلى الله عليه وسلم- في"الصحيحَيْن": (لَا تَسُبُّوا أصْحَابِي؛ فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أحُدٍ ذَهَبًا، مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ) (2) ، وروى أحمدُ والترمذيُّ عنه -صلى الله عليه وسلم-؛ قال: (أُوصِيكُمْ بِأَصْحَابِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) (3) .
وقد قال الإمامُ أحمد:"إذا رأيتَ رجلًا يذكُرُ أصحابَ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بسُوءٍ، فاتَّهِمْهُ على الإسلامِ" (4) .
* قَالَ ابْنُ أَبي زَيْدٍ: (وَأَفْضَلُ الصَّحَابَةِ: الخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ المَهْدِيُّونْ: أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، ثُمَّ عَلِيُّ؛ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينْ) :
كان الصَّدْرُ الأوَّلُ يُجِلُّونَ الصحابةَ، ويعظِّمونَ قَدْرَهُمْ على سبيلِ
(1) "السُّنَّة"للخلال (666) .
(2) البخاري (3673) ، ومسلم (2541) من حديث أبي سعيد.
(3) أحمد (1/ 18 و 26 رقم 114 و 177) ، والترمذي (2165) من حديث عمر.
(4) "شرح أصول الاعتقاد" (2359) .