فهرس الكتاب
الصفحة 248 من 344

فضلِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وكما يتفاضَلُ الأنبياءُ، فإنَّ الصحابةَ يتفاضَلُونَ فيما بينَهم مِن بابِ أَوْلى.

وقد كان سُحْنُونٌ يلقِّنُ ابنَ القصَّارِ في مرَضِ موتِهِ:"أنَّ أفضَلَ هذه الأمَّةِ بعد نبيِّها أبو بكرٍ وعُمَرُ" (1) .

ولا يَختلِفُ السلَفُ في هذا، ووقَعَ في قِلَّةٍ منهم نزاعٌ في التفاضُلِ بين عثمانَ وعليٍّ (2) :

فمنهم: مَن فضَّل عثمانَ على عليٍّ.

ومنهم: مَن فضَّل عليًّا على عُثْمانَ.

ومنهم: مَن توقَّف.

ثُمَّ استقَرَّ الأمرُ على أنَّ ترتيبَهم في الفَضْلِ؛ كترتيبِهم في الخلافةِ: عُثْمانُ ثم عليّ، وقد قال عبدُ الرحمن بن عوفٍ: واللهِ ما بايعتُ لعثمانَ حتى سألتُ صِبْيانَ المدينةِ؛ فقالوا: عثمانُ خيرٌ من علِيٍّ (3) .

وقد وصَفَ ابنُ أبي زيدٍ هذا القولَ في"جامعِهِ"، بأنَّه قولُ أهلِ الحديثِ؛ قال:"وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الحَدِيثِ، ثُمَّ بَقِيَّةُ الْعَشَرَةِ، ثُمَّ أهْلُ بَدْرٍ مِنَ المُهَاجِرِينَ، ثُمَّ مِنَ الأَنْصَارِ، وَمِنْ جَمِيعِ أَصْحَابِهِ؛ عَلَى قَدْرِ الهِجْرَةِ وَالسَّابِقَةِ وَالفَضِيلَةِ" (4) .

* ظُهورُ الطَّعْنِ في الصحابةِ في المَغْربِ:

وقد انتشَرَ الطعنُ في الصحابةِ في زمَنِ بني عُبَيْدٍ في المغرِبِ، خاصَّةً القَيْرَوانَ، وامتُحِنَ الناسُ في ذلك؛ حتى أُكرِهُوا على سبِّ

(1) "رياض النفوس" (1/ 367 - 368) ، وقد سبق.

(2) "مجموع الفتاوى" (4/ 426) .

(3) "المسائل التي حلف عليها أحمد" (ص 97) .

(4) "الجامع" (ص 115) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام