فهرس الكتاب
الصفحة 69 من 344

ومِن ذلك: قولُهُ تعالى قبلَ تحريمِ المَيْتةِ والدَّمِ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة: 172] ، ثُمَّ قال: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ... } الآيةَ [البقرة: 173] .

والله تعالى يذكُرُ الحلالَ ويوسِّعُه، ويذكُرُ الحرامَ ويضيِّقُه؛ كما في قولِهِ تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة: 208] ، فلمَّا ذكَرَ الحلالَ أطلَقَه، ولمَّا ذكَرَ الحرامَ وصَفَهُ بالخُطُوات، ولا يتجرَّأُ أحدٌ على حرامٍ إلا وقد ضاق الحلالُ عليه: إمَّا توهُّمًا في نَفْسِه، أو حقيقةً في الواقع، والتضييقُ ليس من التشريع.

* بيانُ المؤلِّفِ لمُوجِبِ التأليف:

* قَالَ ابْنُ أَبي زَيْدٍ: (أَمَّا بَعْدُ؛ أَعَانَنَا اللهُ وَإِيَّاكَ عَلَى رِعَايَةِ وَدَائِعِهْ، وَحِفْظِ مَا أَوْدَعَنَا مِنْ شَرَائِعِهْ؛ فَإِنَّكَ سَأَلْتَنِي أَنْ أَكْتُبَ لَكَ جُمْلَةً مُخْتَصَرَةً مِنْ وَاجِبِ أُمُورِ الدِّيَانَهْ) :

شرَعَ ابنُ أبي زَيْدٍ في بيانِ مقصودِهِ مِن"رسالتِه"، ومُوجِبِ كتابَتِها.

واستعمالُ:"أمَّا بعدُ"سُنَّةٌ لفصلِ الخطاب، كان يفعلُهُ النبيُّ -صلي الله عليه وسلم- في خُطَبِهِ ومكاتَباتِه.

وبيانُ مُوجِبِ الكتابةِ يبيِّنُ المقصودَ منها، ويُخرِجُها عن الفضولِ وقصدِ الكتابةِ للكتابة، وبيانُ مُوجِبِ القولِ يزيدُ مِن التوضيحِ؛ وهو كثيرٌ في القرآنِ؛ فيذكُرُ اللهُ الحكمَ والجوابَ بعد ذكرِ الاستشكالِ والسؤالِ مِن الناس؛ كقولِهِ تعالي: {يَسْأَلُونَكَ} [البقرة: 189] ، و {يَسْتَفْتُونَكَ} [النساء: 176] .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام