لم يُحمَلْ إلا على الحقيقةِ مِن غيرِ واسطةٍ، وقد قال ثَعْلَبٌ في قولِهِ: {تَكْلِيمًا} [النساء: 164] :"خرَجَ الشكُّ الذي كان يدخُلُ في الكلامِ" (1) .

وهذا إجماعُ النحويِّينَ؛ كما حكاه عنهم أبو جَعفَرٍ النَّحَّاسُ (2) .

والقولُ بخلقِ القرآنِ بِدْعةٌ، لم يَقُلْ بها معروفٌ بصلاحٍ، فضلًا عن معروفٍ بعلمٍ في الصدرِ الأوَّل.

* شِدَّة مالك وأصحابِه على القول بخَلْقِ القرآن:

قال مالكٌ:"القرآنُ كلامُ الله، وكلامُ اللهِ منه، وليس مِن اللهِ شيءٌ مخلوقٌ" (3) .

وقال أيضًا:"القرآنُ كلامُ الله، وكلامُهُ لا يَبِيدُ ولا يَنفَدُ، وليس بمخلوقٍ" (4) .

وكان يصفُ مَن قال بخلقِ كلامِ اللهِ بالزَّنْدَقةِ، ويأمُرُ بقَتْلِه، ولم يكنْ أحدٌ مِن أصحابِ مالكٍ في المغرِبِ والمشرِقِ ولا مِن أصحابِهم: مَن يُخالِفُ في أنَّ القرآنَ كلامُ الله، ليس بمخلوقٍ، وهو إجماعُ القرونِ المفضَّلةِ ومَن تَبِعَهم.

وقد بلَغَتْ فتنةُ القولِ بخلقِ القرآنِ أصحابَ مالكٍ في المدينةِ وإفريقيَّة، وثبَتُوا على الحقِّ الذي كان عليه أهلُ العلم بالمدينةِ وغيرِها؛ يقولُ موسى بن الحسَن:"سمعتُ أبا بكرِ بنَ أبي أُوَيْسٍ، ومطرِّفَ بنَ عبد الله، وقد دُعِيَا إلى المحنةِ في القرآنِ بالمدينة، فلمَّا قُرِئَ عليهما"

(1) "تهذيب اللغة" (10/ 265) .

(2) "إعراب القرآن" (1/ 507) .

(3) "السُّنَّة"لعبد الله (145) ، و"السُّنَّة"للخلال (1999 و 2021) ، و"الشريعة" (165) .

(4) "الجامع"لابن أبي زيد (ص 123) .