مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ
قولهم واعتقادهم أن ذلك الدين شر، ومعلوم أن الأمر ليس كذلك، فقيل لهم: هب أن الأمر كذلك1 لكن {مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ} ومسخ صورته شر من ذلك، ومعنى لعنه الله: أبعده وطرده من رحمته،2 وغضب عليه، يعني: وانتقم منه لأن الغضب إرادة الانتقام من العصاة3 {وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ} يعني: من اليهود من لعنه الله وغضب عليه، ومنهم من جعله قردة وخنازير، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: إن المسخين كلاهما في أصحاب السبت شبانهم مسخوا قردة، ومشايخهم مسخوا خنازير،4 وقيل: إن مسخ القردة كان في أصحاب السبت من اليهود، ومسخ الخنازير من الذين كفروا بعد نزول المائدة في زمن عيسى عليه السلام5 ولما نزلت هذه الآية عير المسلمون اليهود، وقالوا: يا إخوان
1 سقط قوله: (فقيل لهم: هب أن الأمر كذلك) من"ر".
2 انظر:"تفسير ابن كثير": (2/ 76) , و"تفسير الألوسي": (6/ 175) .
3 تفسير صفة الغضب بإرادة الانتقام خطأ من المؤلف فقد اتبع فيه قول بعض المفسرين الذين نهجوا نهج الأشاعرة, ففسروا الصفات إما بصفات أخرى, أو بلوازمها, وهو هنا من النوع الأول حيث فسر الغضب بالإرادة للانتقام. فالغضب من صفات الأفعال التي تتعلق بالمشيئة وهي ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع السلف. ولا يلزم من إطلاثها على الله أن يشابه المخلوقين فيها, فلا مناسبة ولا مقارنة بين صفات الخالق وصفات المخلوقين.
4"تفسير البغوي": (2/ 49) , و"تفسير الرازي": (12/ 36) , و"تفسير ابن الجوزي": (2/ 387) , و"تفسير الألوسي": (6/ 175) .
5"تفسير البغوي": (2/ 49) ,"تفسير ابن الجوزي": (2/ 387) .