وقول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} 1.
{كتاب التوحيد} هو مصدر وحد، ومعنى وحدته: اعتقدته منفردًا بذاته وصفاته لا نظير له ولا شبيه2 وقول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} 3 قيل: معناه إلا ليوحدون4 فالمؤمن يوحده اختيارًا في الشدة والرخاء، والكافر يوحده في الشدة والبلاء دون النعمة والرخاء5 وقال علي- كرم الله وجهه- [في الجنة] 67 إلا ليعبدون،
(1) سورة الذاريات، الآية: 56.
(2) هذا معنى توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات, ولا يكفي لمعنى التوحيد فينبغي أن يزاد: (وواحد في إلهيته وعبادته لا ند له) ليدخل توحيد الألوهية.
(3) سورة الذاريات، الآية: 56.
(4) انظر: (( صحيح البخاري مع الفتح ) ): (13/ 347 , ح 7372) , كتاب التوحيد, باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله.
(5) ويدل على هذين المعنيين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن المؤمن: (( عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير, إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له, وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له, وليس ذلك إلا للمؤمن , وقال الله تعالى عن الكافر: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} .
(6) قوله: (في الجنة) زيدت في (( ر ) ).
(7) تخصيص علي -رضي الله عنه- بهذا الدعاء دون غيره من الصحابة غير لائق, وما علله بعضهم من أن سبب ذلك أنه لم يسجد لصنم قط لا يصح فإن أمثاله كثير: كأبي بكر -رضي الله عنه- وصغار الصحابة الذين أسلموا تبعًا لآبائهم فلم يعبدوا غير الله, ولم يسجدوا لصنم, ولعل مبدأ ذلك الاستعمال كان من الشيعة. وما وجد من ذلك في كتب بعض الأعلام من أهل السنة فإما في كتب ألفوها في أول حياتهم, أو من تصرف النساخ في كتبهم, ومثله التعبير بالقول: (عليه السلام) لأهل البيت. والواجب علينا نحو الصحابة كلهم الترضي عنهم والدعاء لهم.