أي: إلا لآمرهم أن يعبدون، وأدعوهم إلى عبادتي1 وقيل: إلا ليعرفون2 كلما كان في القرآن من العبادة فمعناه التوحيد، وأصل العبودية التذلل3 والعبادة غاية التذلل، ولا يستحقها إلا لمن4 له غاية5 الإفضال والإعظام وهو الله تعالى وتقدس، وفي الآية الكريمة دليل على أن الجن مكلَّفون ومخاطبون بالعبودية، ومجزيُّون ومحاسبون ثوابًا وعقابًا، وهذا وجه الحكمة في خلق الجن والإنس6 قال الله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُون} 7 وقال عز وجل {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً} 8 وقال تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} 9 أي: بالعدل، وهو الثواب على الطاعة، والعقاب على المعصية.
(1) (( تفسير البغوي ((:(4/ 235) .
(2) (( تفسير البغوي ((:(4/ 235) . ولا بد أن يعلم هنا بأن المعرفة هنا ليس على الإطلاق, وإنما المعرفة لله مع الطاعة له وإلا فإن معرفة إبليس لربه لم تنفعه, وإقرار قريش بأن الله خلقهم وخلق السموات والأرض, كل ذلك لم ينفعهم حينما لم يتخذوه سبحانه إلها يعبد وحده, ومن هنا ضل من فسر الإيمان بالمعرفة وحدها.
(3) قوله: (فمعناه التوحيد, وأصل العبودية التذلل) سقط من نسخة (( ر ) ).
(4) هكذا في جميع النسخ, والأولى أن يقال: (إلا من له) .
(5) كلمة: (غ، الآية) سقطت من (( ر ) ).
(6) وبهذا يتضح أن الحكمة التي خلق الله من أجلها هذا الخلق, وأرسل الرسل وأنزل الكتب هي عبادته تعالى: ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين , فمتى خلت الأرض من عبادته قامت القيامة, كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله.
(7) سورة المؤمنون، الآية: 115.
(8) سورة ص، الآية: 27.
(9) سورة الدخان، الآية: 39-38.