دين الإسلام أو"التوحيد"؛ من أهم الضرورات التي جاءت الشريعة للمحافظة عليها ودرء المفاسد عنها، والأحاديث في التحذير من الشرك بأنواعه المختلفة أكثر من أن يتسع لها هذا المقام الضيق، وقدمنا فيما مضى قوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: 39] ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ) [44] .
أما موقف قوانين عبيد الياسق من هذه الضرورة الخطيرة؛ فقد تقدم بيان ذلك في المثال الثاني من كفريات دستورهم بما يُغني عن إعادته، وملخصه؛ أن القوم لا يقيمون اعتباراً لدين الإسلام في قوانينهم، فلو قلّبت قوانينهم كلها من أولها إلى آخرها لما وجدت مادة واحدة أو نصف مادة أو سطراً أو كلمة؛ تحرم أو تمنع، أو حتى تقول بكراهة الارتداد عن دين الإسلام، أو تنص على عقوبة ولو هزيلة لذلك، فتلك عندهم حرية، وليست بجريمة مطلقاً.
جاء في كتاب"الوسيط في شرح القانون الجزائي الكويتي" [ص 11] : (كان الدين مصدراً لكل أنواع السلوك فيما مضى، ولم يشذ التنظيم التشريعي عن ذلك، فكان العدوان على المقدسات الدينية، معاقباً جزائياً، كما كان التظاهر بعدم التمسك بالشعائر المقدسة جرماً يلاحق مقترفه) .
إلى أن قالوا في الصفحة نفسها: (وجاءت شرعة حقوق الإنسان التي أعلنتها الأمم المتحدة عام 1948 تؤكد حرية العبادة وحرية التعبير عن الرأي، وقد أقرت الدول العربية هذه الشرعة، وأعلنت قبولها بمبادئها، وهذا التطور في الآراء انتهى إلى قصر رسالة القانون الجزائي على معالجة الجريمة والمجرمين دون تجاوزها إلى قضايا أخرى تتجاوز أهدافه، ولذلك فإنه لا يتعرض للجرائم الدينية، إلا إذا تسببت في إحداث اضطراب في الأمن، أو جرحت مشاعر الأكثرية الدينية ... ) .