وكذا"تحية العلم"؛ تلك الخرقة التي يعظمونها أكثر من كتاب الله وشرعه [113] ، والتي ترمز إلى حكم ونظام عبيد الياسق العصري.
فليس العلم إلاّ علامة وشعار لهم، ومن أحبه وعلقه ونشره أو اتخذه شعاراً؛ فإن هذا كله علامة على أنه منقاد موال في الظاهر لهذا النظام الحاكم بياسق إبليس المعرض عن شريعة الرحمن.
فإياك أن تكون كذلك، فتصبح أضل من سائمة الأنعام.
بل الواجب الشرعي عليك؛ أن تبغض هذا العلم، وتُبَغّضه لأولادك وذريتك، وتُنشّئهم على البراءة منه ومن الحكم الذي يرمز إليه، ومن الطاغوت الذي هو علامة عليه وعلى نظامه، وليس هذا والله فرعاً من الفروع؛ يستهان به، بل هو - كما عرفت - من لوازم التوحيد ومعاني"لا إِلَهَ إِلاّ الله"، التي هي كفر بكل طاغوت وتوحيد لله عز وجل [114] .
هذا هو أقل ما يجب عليك في نفسك وأهلك إذا لم تقدر على المرتبة الأولى، التي هي ملة إبراهيم ودعوة الأنبياء والمرسلين.
وتذكّر في مرتبتك هذه؛ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: (كَيْفَ بِكُمْ بِزَمَانٍ يُوشِكُ أَنْ يَاتِيَ يُغَرْبَلُ النَّاسُ فِيهِ غَرْبَلَةً، تَبْقَى حُثَالَةٌ مِنَ النَّاسِ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ، وَاخْتَلَفُوا فَكَانُوا هَكَذَا) - وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِه - فَقَالُوا: (وَكَيْفَ بِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟) ، قَالَ: (تَاخُذُونَ مَا تَعْرِفُونَ وَتَذَرُونَ مَا تُنْكِرُونَ، وَتُقْبِلُونَ عَلَى أَمْرِ خَاصَّتِكُمْ، وَتَذَرُونَ أَمْرَ عوامكم) [115] .