اعلم يا عبد الله؛ أن الله تبارك وتعالى لم يخلقك عبثاً، قال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: 115] ، بل قد خلقك سبحانه لغاية هامة قد غفل عنها أكثر الناس، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون} [الذاريات: 56] .
وليست هذه الغاية؛ عبادة الله فحسب)، فإن كثيراً من الكفار يعبدون الله ويعبدون معه آلهة أخرى، كما كان يفعل مشركو قريش، إنما الغاية: عبادته وحده، لذا قال غير واحد من المفسرين {إِلاَّ لِيَعْبُدُون} أي: يوحدون.
فالمطلوب إذن هو توحيد الله تَعَالى في العبادة بكل أنواعها، ويدخل في ذلك الحكم والتشريع، ولا يتم ذلك ولا يصح إلاّ بالكفر والبراءة من كل معبود ومتبوع ومشرع سواه، وهذا هو أصل الدين ومن أهم معاني"لا إِلَهَ إِلاّ الله"التي لا يصير المرء مسلماً إلاّ بها، وهذه هي الغاية التي بُعث من أجلها رسل الله أجمعون، قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36] ، وهو الأمر الذي قد غفل عنه وجهله أكثر الناس قال تعالى: {إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 40] .