فهرس الكتاب
الصفحة 189 من 208

وبعد أن عرفت ضرورة معاداة عبيد الياسق العصري، ولزوم البراءة منهم ومن ياسقهم الشركي - ما داموا مصرين على تحكيمه - حتى يرجعوا إلى شرع الله العظيم وحكمه العادل ويكفروا بذلك الياسق، ورأيت أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الواضحة في النهي عن الركون إلى من هم أهون منهم شراً بكثير، والتحذير من إعانتهم على ظلمهم أو المشاركة في كثير من وظائفهم الباطلة.

بعد هذا كله، إياك ... ثم إياك أن تعرض عن تلك الأحاديث النبوية وتهملها لقول فلان أو علان، أو تغتر بما يوحيه الشيطان ويقذفه في قلوب كثير من ضعفاء الإيمان من إرجافات المصالح والضرورات وغيرها من التلبيسات، بل تثبت بهدي نبيك صلى الله عليه وسلم وأمره واسلك طريق دعوته ولا تهتم لقلة السالكين أو بكثرة الهالكين.

أما الاحتجاج بالضرورات والإكراه على موالاة عبيد الياسق وإعانتهم على باطلهم أو شركياتهم أو مدح ما يعبدونه أو حمايته؛ فلا يجوز استباحة شيء من ذلك بمجرد التهديد بالطرد من الوظيفة أو التضييق في الرزق أو الإخراج من البلد، والحرمان من بعض حظوظ الدنيا، فإن الله هو الرزاق ذو القوة المتين.

وللمسلم في هذه المواقف قدوة بأنبياء الله تعالى، وهذا شعيب عليه السلام يخيره قومه بين العودة إلى دينهم أو الخروج من قريتهم هو ومن معه من المؤمنين، فلا يقدم على توحيده شيئاً مما يتعذر به أكثر الناس، بل يجيبهم بكل وضوح: {أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ قَدْ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إلاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام