وفي الحديث أَيْضاً النهي عن العمل جابياً أو خازناً وعن كل وظيفة فيها إعانة على الظلم وأكل أموال الناس بالباطل.
ورحم الله عطاء بن أبي رباح، يوم أن سأله سائل - في زمان الخلافة والفتوحات - فقال: (إن لي أخا يأخذ بقلمه، وإنما يحسب ما يدخل ويخرج، وله عيال، ولو ترك ذلك لاحتاج وأدان؟) ، فقال: (مَن الرأس؟) ، قلت: (خالد بن عبد الله القسري) ، قال: (أما تقرأ ما قال العبد الصالح: {رب بما أنعمت علي فلنْ أكونَ ظهيراً للمجرمين} ، فلا يعينهم أخوك، فإن الله يعينه) .
قال عطاء: (فلا يحل لأحد أن يعين ظالما، ولا يكتب له، ولا يصحبه، وأنه إن فعل شيئا من ذلك؛ فقد صار معينا للظالمين) [129] اهـ.
فمن باب أولى عبيد الياسق العصري.
خاصة وأن قوانينهم هذه فيها استحلال الربا وفرض عقوبات مالية في كثير من المجالات التي ما أنزل الله بها من سلطان، والمقلب ل"قوانين الجزاء"وغيرها، يجد في كل باب تقريباً؛ عقوبة مالية إضافة للعقوبة الأخرى، هذا غير مخالفات البلدية والمحال التجارية وضرائب الجمارك وغير ذلك من الرسوم الباطلة، التي يأكلون بها أموال الناس ظلماً وعدواناً.
وهذا باب واسع تدخل فيه كثير من الوظائف التي فيها جبي للمخالفات والمكوس، كالعمل في كثير من أقسام البلدية والجمارك والجوازات والإقامات وغيرها من أعمال المظالم وأشباهها.
وقد جاء في حديث أبي أمامة الحارثي في سنن ابن ماجة، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يَقْتَطِعُ رَجُلٌ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ، وَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ) ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا؟) ، قَالَ: (وَإِنْ كَانَ سِوَاكًا مِنْ أَرَاكٍ) .