فهرس الكتاب
الصفحة 177 من 208

العمل بريداً أو سفيراً أو رسولاً عند عبيد الياسق

فهذه وظائف لا يجادل عاقل عارف بواقع عبيد الياسق في كونها من أعظم وسائل التعاون على الإثم والعدوان، فذلك أمر جلي واضح كوضوح الشمس في رابعة النهار، وقد قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] ، وقال تعالى: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ} [هود: 113] .

قال المفسرون: الركون هو الميل اليسير.

وقال سفيان الثوري: (من لاق لهم دواة أو برى لهم أو ناولهم قرطاساً؛ فقد دخل في ذلك) .

وتقدم كلام الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ في الركون أَيْضاً، فارجع إليه وتأمله فإنه مهم.

وفي الحديث: (مَنْ أَعَانَ عَلَى خُصُومَةٍ بِظُلْمٍ أَوْ يُعِينُ عَلَى ظُلْمٍ؛ لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ) [131] .

والبعد عن مثل هذه الوظائف له أصل عند السلف الصالح في زمن الخلافة والفتوح، فكيف في زمن عبيد الياسق العصري؟ وقد تقدم من ذلك كلام أبي ذر المتقدم حين حضرته الوفاة، فأمر الحاضرين ألا يكفنه رجل منهم عمل"أميراً أو عريفاً أو بريداً".

وللحديث المتقدم عن أبي هريرة مرفوعاً في النهي عن بعض الوظائف عند أمراء الجور؛ شاهد موقوف على ابن مسعود رضي الله عنه، أخرجه عبد الرزاق في مصنفه [2/ 383] : (كيف أنت يا مهدي إذا ظهر بخياركم واستعمل عليكم أحداثكم، وصليت الصلاة لغير وقتها؟) ، قال: قلت: (لا أدري) ، قال: (لا تكن جابياً ولا عريفاً ولا شرطياً ولا بريداً، وصل الصلاة لوقتها) .

[131] رواه ابن ماجة وغيره عن ابن عمر وهو صحيح بطرقه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام