فلعلك تسأل بعدها وتقول؛ ما الحل؟ وكيف السبيل؟
إن الظلمات متشابكة، وهذه الحكومة عندها جيوشها وشرطتها ومخابراتها وأمنها وأجهزتها، والناس كلهم - أو أغلبهم - لها خاضعون، ومعها سائرون، ولباطلها متابعون، وفي طريقها يركضون، وما عساني أن أقدم وأنا وحدي لهذا الدين؟ وما عساني أن أعمل مقابل هذا الباطل العظيم؟
فها نحن نوضح لك السبيل، ونضع بين يديك معالم الطريق - طريق الأنبياء وسبيل النصر والنجاة وسلوك الصراط المستقيم - نبينه لك بكل صراحة ووضوح، وبلا لبس أو غموض، فليست هذه خطبة حماسية، كخطب كثير من الوعاظ؛ تلهب مشاعرك على الطغاة وقوانينهم، ثم تتركك بعد ذلك تبرد وتموت حسرة وكمداً دون أن تعطيك الحل أو الطريق، {لا يَيْأسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ} [يوسف: 87] .
دع عنك أولاً اليأس والقنوط، وكن على يقين بنصر الله تَعَالى للمؤمنين، قال تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: 47] .
ولا تلتفت إلى كثرة الهالكين وقلة السالكين، فما بالكثرة ينتصر المؤمنون، قال تعالى: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 249] ، وقال تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103] .
ثم اعلم؛ أن من أعظم أنواع النصر والفوز، أن تبرأ من الشرك وتحقق التوحيد، فتنجو بنفسك وأهلك من نار وقودها الناس والحجارة، وتفوز بجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} [آل عمران: 185] .