وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم - كما في البخاري وغيره - أنّ من الأنبياء من يأتي يوم القيامة وليس معه إلاّ الرجل والرجلان، ومنهم من يأتي وليس معه أحد، رغم دعوته وصبره وجهاده، فهل خسر أو ندم أو تحسر؟ كيف وهو من أصحاب الجنة؟ {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ الْفَائِزُونَ} [الحشر: 20] ، وكيف يندم وقد أعلى كلمة التوحيد وسط قومه وأمته؟ تأمل هذا جيداً فإنه مهم.
ثم اعلم يا عبد الله، يا من آمنت بدين الله، وشهدت بأن لا معبود ولا مشرع بحق إلاّ الله، وأقررت بأن لا حكم إلاّ لله، وتعمل جاهداً للفوز بالجنة والنجاة من النيران؛ أنك على ضعفك وقلة حيلتك تملك أن تقدم لدينك الكثير، ولست مختاراً في ذلك ولا متطوعاً، بل هي واجبات، كل يجب عليه منها، كل بحسب استطاعته ومقدرته.
وإذا تقرر هذا فانتبه جيداً إلى ما أوجب الله عليك تجاه هذا الطاغوت وعبيده وأوليائه، خصوصاً بعدما رأيت بأم عينيك ما يحويه من كفر وباطل وإلحاد، وظهرت لك الحجة بينة واضحة، فما عدت تجهل حاله أو يخفى عليك ضلاله ...