وأعلى مراتب هذه الملة وذروة سنامها؛ أن تسعى وتعمل وتجاهد لتغيير هذا الطاغوت وهدمه وإخراج العباد من ظلماته إلى نور شريعة الله تعالى [103] .
وأول مراحل هذه الطريق وأهمها؛ أن تصدع ببيان سفهه للناس وفضح زيفه وعواره، وأن تجتهد في تحذيرهم منه ودعوتهم إلى الكفر به والبراءة من أوليائه، فهذا هو دين التوحيد وهذه هي دعوة الأنبياء، وتعلنها مدوية في وجه عبيد الياسق؛ كفرنا بكم وبطاغوتكم ودستوركم وقوانينكم الكفرية، وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى ترجعوا إلى دين الله وتنقادوا إلى حكمه وتشريعه وحده وتسلموا تسليماً ... هكذا كما قال إبراهيم ومن معه لقومهم.
وتقول أَيْضاً: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِي} [الزخرف: 27] ، وتقول: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} .
ولا يغرنك تخذيل المخذلين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (سيد الشهداء؛ حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله) [104] .
فلا قربة أفضل عند الله؛ من القيام بجهاد الشرك وأهله وبيان سفاهة الطواغيت وتعريتها للخاص والعام على اختلاف أنواعها.
أفيقوم دين الله الذي أنزل من السماء إلاّ بالطعن على أعدائه وكشف زيوف شركهم، وتحذير الناس من كفرهم؟ وكيف يظهر الحق إن لم يخذل الباطل؟
فاصدع بأمر الله لا تخش الورى في الله واخشاه تفز بأمان
واهجر ولو كل الورى في ذاته لا في هواك ونخوة الشيطان