واستمع مقالة من خاف المخلوق في جنب دين الله: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَمَا أَضَلَّنَا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 97 - 102] ، وارجع إلى آية الممتحنة المذكورة، وتأمل قوله تَعَالى: {إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ} ، وقوله: {بَدَا} .
يقول الشيح حمد بن عتيق رحمه الله تعالى: ("بدا"أي ظهر وبان، وتأمل تقديم العداوة على البغضاء، لأن الأولى أهم من الثانية، فإن الإنسان قد يبغض المشركين ولا يعاديهم، فلا يكون آتياً بالواجب عليه حتى تحصل منه العداوة والبغضاء، ولابد أَيْضاً من أن تكون العداوة والبغضاء باديتين ظاهرتين بينتين، واعلم أنه وإن كانت البغضاء متعلقة بالقلب فإنها لا تنفع [105] ، حتى تظهر آثارها وتتبين علاماتها، ولا تكون كذلك حتى تقترن بالعداوة والمقاطعة، فحينئذ تكون العداوة والبغضاء ظاهرتين) [106] اهـ.
فعلى كل من أراد أن يسلك طريق الأنبياء؛ أن يقوم بذلك ويدعو الناس إليه، فهذا من أعظم الجهاد في هذا الزمان، وأتباعه هم أتباع الرسل حقاً، وهم الغرباء حقاً، وهم الطائفة الظاهرة حقاً، فلا تنشغل عن الركب بأمور مرجوحة أو بدنياً فانية، فتفوتك القافلة فتكون من الخالفين.
فتلك حروب من يغب عن غمارها ليسلم يقرع بعدها سن نادم
ثم لتصبر على الأذى والابتلاء فإنها سنة الله تَعَالى التي يميز بها الخبيث من الطيب، قال تعالى: {الم، أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 1 - 3] .