فهرس الكتاب
الصفحة 45 من 208

ولاحظ كلمة {بعض} التي حذر الله منها في الآية، وكلمة"جميعا"في ياسقهم الكفري، فهل يوجد وقاحة أشنع من هذه الوقاحة؟ وهل بعد هذه المحادّة لشرع الله من محادّة؟ وهل فوق هذا التعدي لحدود الله تَعَالى شيء؟

{أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [33] [الأنبياء: 67] .

وأخيراً؛ فإن الله عز وجل قد بين للأمة بل للخلق الضعفاء المهازيل جميعاً حدودهم، وأعلمهم بأن الذي خلق ورزق وصوّر وفطر سبحانه، هو وحده الذي يحكم ويشرع ويأمر؛ {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54] .

يقول الشنقيطي في"أضواء البيان" [7/ 163] : (اعلم أن الله جل وعلا بين في آيات كثيرة، صفات من يستحق أن يكون الحكم له، فعلى كل عاقل أن يتأمل الصفات المذكورة ويقابلها مع صفات البشر المشرّعين للقوانين الوضعية، فينظر هل تنطبق عليهم صفات من له التشريع، سبحان الله وتعالى عن ذلك، فإن كانت لا تنطبق عليهم ولن يكون، فليتبع تشريعهم وإن ظهر يقيناً أنهم أحقر وأخس وأذل وأصغر من ذلك، فليقف بهم عند حدهم، ولا يجاوز بهم إلى مقام الربوبية، سبحانه وتعالى أن يكون له شريك في عبادته أو حكمه أو ملكه، فمن الآيات القرآنية التي أوضح بها تَعَالى صفات من له الحكم والتشريع قوله هنا: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشورى: 10] ، ثم قال مبينا صفات من له الحكم: {ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنْ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الشورى: 10 - 12] .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام