فهرس الكتاب
الصفحة 195 من 208

ذلك لأنه لابد لهذا الدين من رجال يضحون من أجله ويصدقون مع الله تَعَالى فيبيعون الرخيص بالغالي والفاني بالباقي، وها هم أتباع الرسل نشروا بالمناشير وذاقوا ألوان العذاب فما ردهم ذلك عن دينهم وعقيدتهم وملّتهم شيئاً، وهذه هي سنة النبيين ودعوة المرسلين، ويخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك أصحابه ويخبرنا تثبيتاً وتعليماً فيقول: (قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهَا فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَاسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ؛ فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، الحديث) [رواه البخاري وغيره من حديث خباب] .

وهكذا كان صلوات الله وسلامه عليه؛ يذكر أصحابه ويثبتهم بأخبار أهل الثبات ويحثهم عليها دوماً، حتى إذا وقع أحدهم بما وقع فيه عمّار رضي الله عنه ذكره بالرخصة ومغفرة الله لمن أكره وقلبه مطمئن بالإيمان، وليس كحال كثير من دعاة هذا الزمان؛ يدندنون بنصوص الرخص والإكراه والضرورات طوال حياتهم ... فمتى يظهرون دين الله؟!

فالثبات ... الثبات، فما هي والله إلاّ أيام قلائل تمضي سراعاً كيفما كانت، وبعد أن تمضي؛ فكأنه ما تعب من تعب، ولا عذّب من عذّب، ولا تنعّم من تنعّم، ثم يرجع هؤلاء وهؤلاء إلى ربهم، ليجزى الذين أساؤوا بما عملوا، ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى.

أما"مصلحة الدعوة"؛ فقد أمست في زماننا منزلقاً خطيراً، انزلق فيه كثير من الدعاة الذين أفسدوا دينهم وتوحيدهم بكثير من المداهنات والتنازلات والهلكات، ثم يحتجون بعد ذلك بشبه ...

شبهٍ تهافت كالزجاج تخالها حقا وكل كاسر مكسور

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام