وخلاصة القول؛
أن المطلوب من كل مسلم - في كل زمان ومكان - لكي يكون مسلماً مُوحِّداً، أن يحقق معنى"لا إِلَهَ إِلاّ الله"الحقيقي، الذي غفل عنه أكثر الناس، وهو ما حوته من شرطي النفي والإثبات، وهما الكفر بكل طاغوت، والإيمان بالله والاستسلام له وحده، قال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [البقرة: 256] ، وتأمل كيف قدم سبحانه الكفر بالطاغوت، كما قدم النفي في الشهادة، وما ذلك إلاّ تأكيداً لأهمية هذه القضية وخطورتها.
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى: (يُفهم منه - أي من الآية السابقة - أن من لم يكفر بالطاغوت؛ لم يتمسك بالعروة الوثقى، ومن لم يتمسك بها فهو متردّ مع الهالكين) [12] اهـ.
فإذا علمت هذا، فلا تظنن الطاغوت ما هو إلاّ أصناماً من حجر، فتُحجّر معنى واسعاً، بل الطاغوت يشمل هذا وغيره.
فهو لغة؛ مشتق من الطغيان، وهو مجاوزة الحد، قال تَعَالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} [الحاقة: 11] ، فهو كل ما طغى عن حده الحقيقي، فعُبد مع الله تَعَالى بأي نوع من العبادة المشار إليها آنفاً [13] .