وعلى هذا؛ فلكل زمان ومكان طواغيته المختلفة، ولا يصير المرء مسلماً موحداً حتى يكفر بكل طاغوت، وخاصة طاغوت زمانه ومكانه، ويتبرأ منه ومن عبادته، فهناك من يعبد النار كالمجوس؛ فهي طاغوتهم التي لا يصيرون مسلمين - وإن آمنوا بالله تَعَالى - حتى يكفروا بها، وكذلك من يعبد الشمس أو القمر أو النجوم أو الكواكب فهي طواغيتهم التي لا يصح إسلامهم إن أسلموا حتى يكفروا بها ويتبرءوا من عبادتها، وكذا من يعبد الأصنام كما كان حال كفار قريش وغيرهم، فهي طواغيتهم التي لا يصيرون مسلمين إلاّ بالكفر بها، وإن أقروا وآمنوا بالله ربهم وخالقم ورازقهم ومالكهم، كما أخبر تَعَالى عن كفار قريش: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف: 87] ، وقال تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} [يونس: 31] ، ومع ذلك قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم ولم تُعصم دماؤُهم ولم يصيروا مسلمين حتى كفروا بتلك الأصنام وتبرؤوا من عبادتها، وقد تقدم قول الشيخ محمد بن عبد الوهاب حول حديث أبي مالك الأشجعي (مَنْ قَالَ"لا إِلَهَ إِلاّ الله"، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ... ) .
ويقول الشيخ العلامة حمد بن عتيق رحمه الله في كتابه"بيل النجاة والفكاك من موالاة المرتدين وأهل الإشراك": (اعلم أن الكفر له أنواع وأقسام، تتعدد بتعدد المكفرات، وكل طائفة من طوائف الكفر قد اشتهر عندها نوع منه، ولا يكون المسلم مظهراً لدينه حتى يخالف كل طائفة بما اشتهر عندها، ويصرح لها بعداوته، والبراءة منه ... ) اهـ.
[12] ذكره في تفسير سورة الشورى.