فهرس الكتاب
الصفحة 184 من 208

أن يوسف يوم أن تولى منصبه لم يطلب منه أن يقسم على احترام الياسق الشركي وقوانين الدولة (دين الملك) كما هو الحال اليوم فيمن يتولى منصب الوزارة، بل يلزم بهذا في حكومات عبيد الياسق من تولى أقل من منصب الوزارة بكثير، وهو مشهور معروف.

ولم يكن على يوسف عليه السلام يومها شروط ولا قيود ولا تنازلات ولا وعود، وكل ما وعد به قبل تولية منصبه أن قال {إني حفيظ أمين} وشتان شتان بين هذا وبين قسم هؤلاء الشركي.

ثم إن يوسف عليه السلام حقيقة وعملياً لم يكن خاضعاً لقوانين الدولة ولا منقاداً لها، بل إن وضع وظيفته وضع خاص يندر وجوده وحصوله لولا تيسير الله عز وجل ذلك حيث قال: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ وقد أعطاه الملك حصانة مطلقة لا يعطيها أحد لوزير، ولا هي كحصانة عبيد الياسق الدبلوماسية المتقلبة؛ اليوم ستر وغداً غدر. قال الملك} قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ {وقد كان كذلك، كما أخبر الله عز وجل عنه يتبوأ من الأرض حيث يشاء ويفعل ما يشاء في وظيفته ويعطي من يشاء ويمنع من يشاء دون رقيب أو عتيب، ولا يخضع لدين الملك ولا يعمل به، قال تعالى عنه: مَا كَانَ لِيَاخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ} ، فهل مثل هذا موجود في وزارات عبيد الياسق الذين لا يمكنون الموظف من وظيفته حتى يكون عبداً لهم ولحكومتهم؟ فضلاً عن الوزير وأمثاله، أو يكون أخاً أو صديقاً أو شريكاً لهم في الإجرام والطغيان يتعاون معهم في تثبيت وتسيير أهداف وسياسات واحدة مشتركة، ويوسف عليه السلام لم يكن من هؤلاء ولا من هؤلاء وحاشاه من صديق نبي قد نزهه الله عن السوء والفحشاء.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام