فهرس الكتاب
الصفحة 183 من 208

فإنها لا تقل جرماً عن الوزارة، مهما حاول أن يرقع لها المرقعون، بل هي أشد خطراً وأعظم جرماً، فتلك"سلطة تنفيذية"، وهذه يسمونها"تشريعية"، فحقيقة نواب البرلمانات التشريعيّة؛ أنهم طواغيت قد اتخذهم من أنابهم عن نفسه في التشريع، أرباباً مشرعين، وقد قال تعالى: {ءأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار} ، وقال عن أمثالهم: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله ... } .

ولا مانع أن نذكر أَيْضاً؛ أنها عرافة، وقد تقدم النهي عنها عند أئمة الجور، فكيف بغيرهم ممن هم أظلم وأطغى؟ وكيف إذا عرفت أن هذا نوع خطير جداً من أنواع العرافة، فالعريف مثلاً يمثل طائفة من الناس، أما عضو مجلس الأمة فهو"يمثل الأمة بأسرها"- كما نصت المادة (108) من دستورهم - وقبل أن يتولى العضو مهامه؛ لابد من قسمهم الشركي ذاته على احترام الشرك والطاغوت - الياسق والقانون - والإخلاص ل"دار الكفر والأمير المشرع"- انظر مادة (91) من دستورهم - ويمنحون على ذلك مكافآت معلومة نص عليها دستورهم - كما في المادة (119) -

والخلاصة؛

أن المشاركين في هذه البرلمانات طواغيت صغار، أشركوا أنفسهم مع الله تَعَالى في التشريع، يشرعون ويقننون ويقررون، مع مشرّعهم الأول الذي بيده التشريع كله في البلاد، كما في المادة (101) من دستورهم: (لعضو مجلس الأمة حق اقتراح القوانين) ، والمادة (79) : (لا يصدر قانون إلاّ إذا أقره مجلس الأمة وصدّق عليه الأمير ... ) .

وقد عرفت أن هذا هو الشرك بعينه، فإياك ... إياك.

[135] وهناك شبهة قديمة يتشبث ويحتج بها في هذا المجال كثير ممن لا يعرفون واقع الطواغيت وقوانينهم، وهي احتجاجهم بعمل يوسف عليه السلام عند الملك، وهو بلا شك احتجاج وقياس ساقط مردود، لأنه مع الفارق بل الفوارق الكبيرة العديدة بين وزارات عبيد الياسق العصري وواقع وزارة الملك في زمن يوسف عليه السلام، ومن أهم هذه الفوارق المؤثرة:

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام