يقول الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن عن هذه الآية - نقلاً عن بعض أهل العلم: (الفتنة في الأرض الشرك والفساد الكبير اختلاط المسلم بالكافر والمطيع بالعاصي، فعند ذلك يختل نظام الإسلام وتضمحل حقيقة التوحيد، ويحصل من الشر ما الله به عليم، فلا يستقيم الإسلام ويقوم قائم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويرتفع علم الجهاد إلاّ بالحب في الله والبغض في الله وموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه والآيات الدالة على ذلك أكثر من أن تحصر) [102] اهـ
فوالله ثم والله؛ إن من لم يتبرأ من الباطل وأهله اليوم في هذه الدنيا فسيتبرأ منهم يوم القيامة، وسيتمنى العودة إلى الدنيا لأجل ذلك، ولكن هيهات هيهات ولات حين مناص، قال تعالى: {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنْ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا} [الأحزاب: 66 - 68] ، وقال تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنْ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوْا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ الأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمْ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْ النَّارِ} [البقرة: 166 - 167] .
فعلى كل من ينتسب إلى عباد الرحمن أن يجمع بين البراءة من عبيد الياسق والبراءة من أصنامهم وطواغيتهم القانونية ومن شريعتهم النتنة ودينهم النجس.
وهذه هي ملة إبراهيم ودعوة الأنبياء والمرسلين؛ إخلاص العبادة لله وحده بكل ما تحويه كلمة العبادة من معان، والبراءة من الشرك وأهله على اختلاف ألوان الشرك وأنواعه.