يقول الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله تَعَالى في كتابه"سبيل النجاة والفكاك"عن قوله تَعَالى: {إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ... } : (وها هنا نكتة بديعة وهي أن الله تَعَالى قدم البراءة من المشركين على البراءة من الأوثان المعبودة من دون الله، لأن الأول أهم من الثاني، فإنه إن تبرأ من الأوثان ولم يتبرأ ممن عبدها؛ لا يكون آتياً بالواجب عليه، وأما إذا تبرأ من المشركين فإن هذا يستلزم البراءة من معبوداتهم، وهذا كقوله: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، الآية} [مريم: 48] ، فقدم اعتزالهم على اعتزال معبوداتهم، وكذا قوله: {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ... } [مريم: 49] ، فعليك بهذه النكتة فإنها تفتح لك باباً إلى عداوة أعداء الله، فكم من إنسان لا يقع منه الشرك ولكنه لا يعادي أهله، فلا يكون مسلماً بذلك، إذ ترك دين جميع المرسلين) [101] اهـ.
وقد بين الله سبحانه وتعالى لنا آثار إهمال هذا الركن الوثيق والأمر العظيم، فقال عز وجل: {إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال: 73] .
{إِلاَّ تَفْعَلُوهُ} ؛ أي موالاة أهل الإيمان ومعاداة أهل الشرك المصرين على باطلهم بأن واليتموهم كلهم أو عاديتموهم كلهم أو واليتم أهل الشرك وعاديتم أهل الإيمان.
{تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} ؛ فإنه يحصل من الشر جراء ذلك ما لا ينحصر من اختلاط الحق بالباطل وأهل الإيمان بأهل الشرك، وتعطيل كثير من مقاصد الشرع والدين وغير ذلك من قواعد الدين التي تفوت إذا لم يجرّد الولاء للمؤمنين وحدهم.