المفسدين والتصدي لهم، أو غير ذلك، وكالتحالف مع العلمانيين والسكوت على كفرهم للمصلحة، وكالتحاكم إلى المحاكم الطاغوتية ونحو ذلك.
-الدعوة إلى الله تعالى من أفضل الأعمال وتكون بالوسائل الشرعية ولا تكون بالوسائل الكفرية أو المحرمة، فلا يفعل الكفر والحرام أو يتنازل عن شيء من ثوابت الدين أو الواجبات الشرعية لأجل الدعوة إلى الله أو مصلحة الدعوة ونحو ذلك، فهذا ليس من منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله والأدلة على ذلك كثيرة منها:
1.قوله تعالى"فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين"وهذا يشمل حتى مساومتهم في المكاسب السياسية، بل الآية في سياق الصدع بالحق حتى لو عرضوا عليك مكاسب تخالف الشرع.
2.وقال تعالى"اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين"ولفظ الإعراض عام.
3.وقال تعالى"وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"وجه الدلالة أنه أمر بقول الحق ولو ترتب عليه الأمر الآخر.
4.وقد جاءت سيرة النبي صلى الله عليه وسلم على عدم اعتبار مصلحة الدعوة لأجل ما سبق فمن ذلك ما جاء في عرض عتبة بن ربيعة بتكليف من زعماء قريش حيث قال للرسول صلى الله عليه وسلم"فرقت جماعتنا، وعبت ديننا، وشتمت الآباء، وشتمت الآلهة وفضحتنا في العرب، أيها الرجل إن كنت إنما بك الرياسة عقدنا لك فكنت رأسنا - أي تكون رئيس الحكومة أو رئيس الوزراء - وإن كنت تريد شرفا سودناك علينا - أي رئيس البرلمان - وإن كنت تريد ملكا ملكناك علينا - أي تكون ملكا أو رئس الجمهورية -"فلم يقبل الرسول وتلا عليه أول سورة فصلت، لأنه عرض مقابل جوهر هذا الدين وهى القيام بالتوحيد والكفر بالطاغوت ومحاربة الأنظمة الطاغوتية الشركية وتسفيهها ونقدها والبراءة منها.
ولو عرض هذا العرض على من يرون الدخول في البرلمانات الشركية، لسارعوا يهرولون حيث الملك والسلطان والحكومة لهم مع التنازل عن قضية التوحيد والكفر بالطاغوت، وما يتبعها من ولاء وبراء.
وكذا ما جاء في قصة وفد بني عامر بن صعصعة وهي لما عرض عليهم نفسه، وقبول هذا الدين، فقالوا: أرأيت إن نحن تابعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من خالفك أيكون لنا الأمر من بعدك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء) فأبوا عليه، رواه ابن إسحاق، فطلبوا الملك منه أو تداول السلطة فأبى.
وكذا طلب وفد ثقيف من الرسول صلى الله عليه وسلم لما جاؤا مسلمين فطلبوا أن يبقي أصنامهم حتى يدخل الإسلام في قلوب العامة، فرفض إبقاءها ولو لحظة، مع أن في إبقاءه لها بعض الشيء مصلحة للدعوة من تكثير السواد ودخول أكبر كمية للإسلام والأمن من الارتداد.
وكذا قصته مع بني شيبان بن ثعلبة لما عرض عليهم الدين قالوا: وواعدوه أن يحموه مما يلي العرب لا مما يلي كسرى، فقال الرسول صلى الله عيه وسلم:"إن دين الله لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه"رواه البيهقي في الدلائل.