الصفحة 92 من 108

هل هي من المعتاد في الجهاد الذي لا يكون جهاد بدونه أم هي طارئة وخارجة عن الطاقة، ونحو ذلك.

كما أن من ليس له علم شرعي ونظر صحيح، لا يمكنه وإن عرف المفسدة، أن يوازن بين المفاسد الدنيوية التي تقع والأضرار الدينية، ونحو ذلك، وكل من الجانبين له من الأهمية ما يحرم على جاهله الحديث في المسألة.

-عند النظر إلى مصالح العملية الجهادية الواحدة يجب يعلم أن العملية الجهادية ليست بيضة ديك، بل هي حلقة في سلسلة، وغارة في معركة مستمرة، وهذه المعركة فرضت على المسلمين، ومصلحتها متيقنة، لتيقن أنها فرض شرعي على المسلمين، والمصالح كلها في امتثال أحكام الشرع، والحديث عن مصلحة الغارة المعيَّنة يجب أن لا يفصل عن مصلحة الحرب في مجملها؛ فرب مصلحة في رحم الغارة الأولى، لا تُظهرها إلا الغارة الثانية، فالعمليات النكائية المستمرة في العدو مثلا تؤدي في مجموعها إلى إسقاطه وزواله أو دفعه وهذه مصلحة عظمى، وإن كان مفرد العملية الواحدة لا يؤدي إلى ذلك، فالنظر إلى مصالح العملية الواحدة فقط نظر قاصر والحكم عليها بناء على ذلك حكم خاطئ.

-لا يجوز فعل الكفر والشرك بذريعة الضرورة أو المصلحة مطلقا، ولا يباح بذلك، ولا يرخص فيه إلا بالإكراه كما قال تعالى"من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره"سواء كانت لمصلحة الدعوة أو غيرها، أو بحجة درء أدنى المفسدتين بأعلاهما فإن أعظم مفسدة هي الشرك، وأعظم مصلحة يحافظ عليها هي التوحيد، قال شيخ الإسلام في المجموع"المحرمات قسمان: أحدهما ما يقطع بأن الشرع لم يبح منه شيئا لا لضرورة ولا غير ضرورة كالشرك والفواحش والقول على الله بغير علم والظلم المحض وهي الأربعة المذكورة في قوله تعالى"قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون"فهذه الأشياء محرمة في جميع الشرائع، وبتحريمها بعث الله جميع الرسل، ولم يبح منها شيئا قط ولا في حال من الأحوال، ولهذا أنزلت في هذه السورة المكية"انتهى كلامه، والمقصود بالسورة المكية سورة الأنعام، ومعلوم أن المرحلة المكية مرحلة الاستضعاف والضرورة المحتمة ومع ذلك نزلت هذه الآية في تلك المرحلة، وقال شيخ الإسلام في المجموع"الشرك والقول على الله بلا علم والفواحش ما ظهر منها وما بطن والظلم لا يكون فيها شيء من المصلحة وقتل النفس أبيح في حال دون حال فليس من الأربعة وكذلك إتلاف المال يباح في حال دون حال وكذلك الصبر على المجاعة"انتهى كلامه، فإن مصلحة حفظ الدين والإيمان والتوحيد وضرورته هو أعظم المصالح والضروريات ويقدم على غيره من الضروريات مهما كانت، وقد قال تعالى"والفتنة أشد من القتل"وقد فسرت الفتنة هنا بالشرك فهي أشد وأكبر من القتل، وقال تعالى:"ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا"فدل على أنه لا يجوز الارتداد عن الدين وفعل الكفر لمصلحة دفع قتالهم، بل إذا أرادوا منكم الكفر يجب أن تصبروا وتقاتلوا ولو فنيتم كلكم، وأمثلة هذه المسألة كدخول البرلمانات الشركية بحجة مصلحة الدعوة أو محاربة

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام