الصفحة 17 من 108

تاسعا: الطاغوت:

مشتق من الطغيان وهو مجاوزة الحد، وهو ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع، فأعطاه حقا من حقوق الربوبية أو الألوهية كالعبادة أو الطاعة أو الحكم أو غيرها.

-أن ممن أطلق عليه في الشرع هذا الاسم:

الأول: من عبد من دون الله وهو راض بالعبادة، قال تعالى"ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت"وقال تعالى"وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت"وقال تعالى"والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها"وقال صلى الله عليه وسلم"ويتبع من يعبد الطواغيت الطواغيت"رواه مسلم.

الثاني: كل ما يتحاكم إليه غير الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى"يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به".

الثالث: الشيطان، كما قال تعالى"والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات"وقال تعالى"والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان ..".

-الإنسان لا يصير مؤمنا حتى يكفر بالطاغوت، كما قال تعالى"فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى"وقال صلى الله عليه وسلم"من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه .."رواه مسلم، فيشرط لصحة الإيمان الكفر بالطاغوت.

-معنى الكفر بالطاغوت: أن تعتقد بطلان عبادة من دون الله وتتركها وتبغضها وتبغض أهلها وتعاديهم، وتعمل مثل ذلك مع كل من أطلق عليه الشرع اسم الطاغوت، فتعتقد بطلانه وتتركه وتبغضه وتبغض أهله وتعاديهم.

كذلك الكفر بالطاغوت يجب أن يكون بالاعتقاد والقول والعمل، لا تُجزئ واحدة من هذه الخصال عن الأخرى، فمن اعتقد كفره وبغضه في قلبه، ثم هو بلسانه يدعو له، ويدعو لموالاته، ويزين باطله، ويسكت عن كفره وشركه وطغيانه، ويُجادل عنه، فهذا لا يكون قد كفر بالطاغوت، كذلك الذي يكفر بالطاغوت في الاعتقاد والقول، لكنه في العمل يواليه ويُقاتل دونه ومعه على كل من يُعاديه، فهذا كذلك لا يكون قد كفر بالطاغوت، ولو زعم بلسانه ألف مرة أنه كافر بالطاغوت، ولا يكون كافراً به إلا إذا كفر به ـ كما تقدم ـ بالاعتقاد، والقول، والعمل، معاً، مع ضرورة مراعاة ما يمكن أن يعجز عنه المرء تحت ظروف الإكراه، والخوف، والتقية.

-من الكفر بالطاغوت الكفر بالديموقراطية المعاصرة التي تعني حاكمية الشعب وتشريعه سواء عن طريق البرلمانات أو غيرها فيجعل الحاكمية للشعب لا لله تعالى والحكم للشعب لا للإسلام، فما حكم به الشعب أُخذ به ولو كان مخالفا للإسلام، وفي هذا تشريك للشعب في حق من حقوق الربوبية وهو الحاكمية والتشريع، فمن امتدح الديموقراطية أو ناصرها أو عمل بها بمعناها هذا فهو كافر ولم يكفر بالطاغوت.

ولكن كثيرا من الناس عندما يمتدحونها ويشيدون بها لا يقصدون ولا يعرفون هذا المعنى، وإنما يقصدون بها الحرية المناقضة للديكتاتورية والاستعباد، أو يقصدون

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام