الصفحة 16 من 108

الحال الأولى: أن يأتي إلى الكاهن ويسأله من غير أن يصدّقه، فهذا لا يكفر لكن لا تقبل له صلاة أربعين يوما كما قال صلى الله عليه وسلم"من أتى عرّافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة"رواه مسلم.

الحال الثانية: أن يأتي إلى الكاهن ويسأله ويصدقه، فهذا يكفر، لأنه صدّقه فيما ادّعاه من علم الغيب، وذلك تكذيب للقرآن، وقد قال صلى الله عليه وسلم"من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد"رواه الحاكم، وصححه الألباني في صحيح الجامع.

الحال الثالثة: أن يأتي إلى الكاهن ويسأله اختبارا أو إظهارا لكذبه وباطله فهذا مشروع فقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع ابن صياد لما قال له"إني خبأت لك خبيئا"فقال ابن صياد"هو الدخ"رواه البخاري.

وكما لا يجوز إتيان الكاهن وتصديقه، كذا لا يجوز إتيان الساحر ولا تصديقه، ولا يجوز إتيان الساحر ليحل السحر بسحر مثله وهو المسمى بالنشرة، فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النشرة فقال"هي من عمل الشيطان"رواه أبو داود وصححه الألباني في الصحيحة، وأيضا فإن الساحر لا يقدم أي شيء للمسحور حتى يقدم المسحور قربانا ويشرك بالله تعالى وحتى يقدم الساحر نفسه القرابين للشياطين ويشرك بالله حتى تخدمه الشياطين، ولم يجعل الله تعالى شفاء أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيما حرم عليها، وادعاء الضرورة ملغى فإن مصلحة حفظ الدين أولى من مصلحة حفظ النفس، ويجوز حل السحر بالرقى والأدعية المشروعة والأدوية المباحة.

الثاني: المنجم: الذي يستدل بالأحوال الفلكية في حركة النجوم ونحوها على الحوادث الأرضية المستقبلة.

وهذا كفر بالله تعالى لأنه فيه ادعاء لعلم الغيب والغيب لا يعلمه إلا الله تعالى كما سبق.

وأقسام علم التنجيم:

القسم الأول: علم التأثير وهو الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية على الغيبيات في المستقبل، ومدعي هذا العلم قسمان: الأول: أن يعتقد أن هذه الكواكب هي المؤثرة بذاتها في هذه الحوادث فهذا شرك أكبر مخرج عن الملة.

الثاني: أن لا يعتقد أن هذه الكواكب غير مؤثرة بذاتها في هذه الحوادث لكن يعتقد أنها وقت لحدوث أو نحو ذلك وأن الله تعالى هو الخالق المحدث، وهذا حكمه أنه كفر بالله تعالى كما سبق لأن فيه ادعاء لعلم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، وحكم آتيه إن صدقه فهو كافر لكونه صدقه في ادعاءه علم الغيب الذي هو من خصائص الله تعالى.

ولا يجوز تعلم هذا العلم وهو نوع من أنواع السحر كما قال صلى الله عليه وسلم"من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد"رواه أبو داود، وصححه الألباني في صحيح الجامع.

القسم الثاني: علم التسيير وهو الذي يعنى بدراسة الأحوال الفلكية لمعرفة الأوقات والتواريخ والفصول والليل والنهار والاتجاهات، فهذا لا بأس به، قال تعالى"هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب"وقال تعالى"يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج".

وممن يدّعي أيضا علم الغيبيات من يقرؤون في الفنجان، أو الكف، أو الذين يخطّون في الرمال، وكلها كفر بالله تعالى.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام