الصفحة 98 من 108

دماؤهم ولو لم تبلغهم الدعوة، ويدل عليه فعل الصحابة مع المرتدين لما امتنعوا عن القدرة، فلم ينقل أن الصحابة توقفوا في الحكم عليهم حتى ينظر في الشروط والموانع هل انطبقت عليه أم لا؟ لتعذره.

قال شيخ الإسلام"والممتنع لا يستتاب وإنما يستتاب المقدور عليه"انتهى من الصارم المسلول.

الهجرة والدور وأهلها:

-الهجرة مشروعة في الإسلام وفضلها عظيم، قال تعالى"يا أيها الذين آمنوا إن أرضي واسعة فأياي فاعبدون"وقال تعالى"ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله".

-الهجرة هي الخروج والانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإٍسلام.

-أن دار الإسلام هي دار التي تعلوها أحكام الإسلام ويحكمها المسلمون والغلبة لهم فيها ولو كان أهلها كفارا، ودار الكفر هي التي تعلوها أحكام الكفر ويحكمها الكفار والغلبة لهم فيها ولو كان أهلها مسلمون. وأما ما ذكره شيخ الإسلام من الدار المركبة فهو محجوج بلإجماع قبله فقوله خارق للإجماع

-أن الحكم على الدار بأنها دار إسلام أو دار كفر لا تعلق له بالحكم على أهل الدار، فقد تكون الدار دار كفر وأهلها مسلمون وقد تكون الدار دار إسلام وأهلها كفار.

-الهجرة دائمة وباقية إلى قيام الساعة بدوام الجهاد وبقائه كما قال صلى الله عليه وسلم"لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها"رواه أبو داود وصححه الألباني في الإرواء، وقال صلى الله عليه وسلم"الهجرة لا تنقطع ما كان الجهاد"رواه أحمد وقال الألباني في الصحيحة إسناده صحيح، وقال صلى الله عليه وسلم"لا تنقطع الهجرة ما قوتل العدو"رواه النسائي وغيره وصححه الألباني في صحيح الجامع، لأنه إذا كان هناك جهاد فهناك كفار ومسلمون، وهناك دار كفر ودار إسلام، فهناك تعلق وارتباط بين الهجرة والجهاد.

-الهجرة واجبة على كل مسلم من بلد الكفر إلى بلد الإسلام بشرطين:

الأول: أن يكون عاجزا عن إظهار دينه في بلد الكفر، فإن كان قادرا على إظهار الدين لم تجب في حقه الهجرة بل تستحب لعموم النصوص الحاثّة على الهجرة.

الثاني: أن يكون قادرا على الهجرة متمكنا منها كما قال تعالى"إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا * إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا * فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا"وقال تعالى"فاتقوا الله ما استطعتم".

فإذا فقد أحد هذين الشرطين سقط الوجوب.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام