وإذا وجدا وجب على الشخص الهجرة وحرم عليه البقاء عند الكفار، قال صلى الله عليه وسلم"أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين"قالوا: يا رسول الله لم؟ قال:"لا تراءى ناراهما"رواه أبو داود والترمذي، وحسنه الألباني في صحيح الجامع، وللآية السابقة.
-معنى إظهار الدين ليس فقط في أداء الواجبات الظاهرة كالصلاة ونحوها، بل لابد من يتمكن من إظهار عقيدته من تكفير المشركين والطعن في دينهم والبراءة منهم، وأن يتمكن من إظهار عقيدته المخالفة لمن ساكنهم من المشركين.
-الهجرة الواجبة لا يشترط فيها إذن الوالدين.
-هناك نوع آخر من الهجرة المشروعة وهي الهجرة من بلد كفر ظالم لا يقدر فيه على إظهار الدين ويخاف فيه المرء على نفسه من الفتنة في الدين إلى بلد كفر لا يوجد فيه مثل ذلك ويقدر فيه على إظهار الدين كما هاجر بعض الصحابة رضوان الله عليهم من مكة إلى الحبشة لما كثر عليهم الأذى والعذاب بمكة وأريدوا على دينهم.
وكذا لو كان الشخص في بلد إسلام لكنه خاف على نفسه ظلما من السلطان ونحوه بالسجن أو القتل أو غيره، فهاجر إلى بلد كفر فرارا من ذلك، كما كان ابن شهاب الزهري عازما عليه من اللحاق بالروم إن مات الخليفة هشام بن عبد الملك، لأن ولي عهده من بعده الوليد بن يزيد نذر دمه إن قدر عليه، وهو في هذه الحال مكره على ذلك ومعذور.
-أنواع الكفار:
الكفار إما أن يكونوا: أهل حرب، أو أهل عهد.
وأهل العهد ثلاثة أنواع: أهل ذمة، أهل هدنة، أهل أمان.
أما أهل الحرب ويسمى أفرداها بالحربيين ومفردها حربي: فهم من كل من لم يكن بينه بين المسلمين عهد، سواء كان عهد ذمة أو أمان أو هدنة، ولو لم يحارب المسلمين، وحكمه أنه غير معصوم الدم والمال بإجماع العلماء.
أما أهل الذمة: فهم الكفار المقيمون في أرض الإسلام، وتجري عليهم أحكامه، ويدفعون الجزية للمسلمين، وحكم هؤلاء أنهم معصوموا الدم والمال لا يجوز استباحة دمائهم وأموالهم.
أما أهل الهدنة أو الصلح: فهم الكفار المقيمون في ديارهم، وبينهم وبين المسلمين عهد في ترك القتال، سواء كان على مال يدفعونه أم بدون ذلك، ويسمون أهل الموادعة والمسالمة والمهادنة، وحكم هؤلاء أنهم معصوموا الدم والمال لا يجوز استباحة دمائهم وأموالهم والغدر بهم إلا أن يغدروا وينقضوا العهد، وعقد الصلح والعهد وإبرامه معهم خاص بالإمام.
أما أهل الأمان: فهم من يقدم بلاد المسلمين من أهل الحرب ويؤمنهم المسلمون في دمائهم وأموالهم، فهؤلاء معصوموا الدم والمال، فلا يجوز استباحة دمائهم وأموالهم حتى ينقضون أمانهم، أو يبلّغون مأمنهم، فإذا وصلوا مأمنهم عادوا حربيين كما كانوا، ويحق لكل مسلم أن يؤمن الحربي وليس مختصا بأحد بعينه.
وأمان المرتدين للكفار في دخولهم بلد الإسلام ليس بأمان الصحيح ولا ملزم للمسلمين.