عبد الوهاب رحمه الله ناقلا عن شيخ الإسلام"وقال الشيخ ابن تيمية رحمه الله في آخر كلامه على كفر مانعي الزكاة: والصحابة لم يقولوا هل أنت مقر بوجوبها أو جاحد لها هذا لم يعهد عن الصحابة بحال بل قال الصديق لعمر رضي الله عنهما والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها، فجعل المبيح للقتال مجرد المنع لا حجد وجوبها، وقد روي أن طوائف كانوا يقرون بالوجوب لكن بخلوا بها، ومع هذا فسيرة الخلفاء فيهم سيرة واحدة، وهي قتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم وغنيمة أموالهم والشهادة على قتلاهم بالنار، وسموهم جميعا أهل الردة، فإن كفر هؤلاء قد ثبت باتفاق الصحابة المستند إلى نصوص الكتاب والسنة"انتهى، قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب معلقا"فتأمل كلامه وتصريحه بأن الطائفة الممتنعة عن أداء الزكاة إلى الإمام أنهم يقاتلون ويحكم عليهم بالكفر والردة عن الإسلام وتسبى ذراريهم وتغنم أموالهم وإن أقروا بوجوب الزكاة وصلوا الصلوات الخمس وفعلوا جميع شرائع الإسلام غير أداء الزكاة وإن ذلك ليس بمسقط للقتال لهم والحكم عليهم بالكفر والردة وأن ذلك قد ثبت بالكتاب والسنة واتفاق الصحابة"انتهى من الدرر السنية، قال القاضي أبو يعلى"وأيضا فإنه إجماع الصحابة وذلك أنهم نسبوا الكفر إلى مانعي الزكاة وقاتلوه وحكموا عليه بالردة ولم يفعلوا مثل ذلك بمن ظهر منه الكبائر ولو كان الجميع كفرا لسووا بين الجيمع"انتهى من مسائل الإيمان لأبي يعلى، فلا ينظر للخلاف الذي حدث بعدهم في حكم الطائفة الممتنعة، فالصحيح والذي يدل عليه إجماع الصحابة وأخذ به شيخ الإسلام أنها تكفر وأنها مرتدة عن الدين، وتعامل معاملة المرتدين لا معاملة البغاة المسلمين، فإن الصحابة عاملوا تلك الطائفة معاملة المرتدين فسبوا نسائهم وغنموا أموالهم وشهدوا على قتلاهم بالنار كما نقل عنهم، وهذا في الامتناع عن الشرائع التي لا يكفر الشخص بمجرد تركها كترك الزكاة أو الصيام أو غيره، أما إن كان الامتناع عن شريعة تركها كفر، فلا شك في كفرها كترك الحكم بما أنزل الله أو الصلاة.
-حكم الطائفة الممتنعة عن القدرة يختلف عن حكم الممتنع عن الشرع ولم يمتنع عن القدرة سواء كان فردا أو طائفة، فيجب التفريق بينهما، فالممتنع عن القدرة أشد من مجرد الامتناع عن الشرع في الأحكام، فالفرد الممتنع عن الشرع لا يقتل بمجرد الامتناع عن شريعة من الشرائع إلا إذا كان تركه لتلك الشريعة من نواقض الإسلام وليس معصية وأيضا تستوفى فيه شروط التكفير وموانعه إذا كان ما امتنع عنه ناقضا من النواقض، ويستتاب أيضا فإن تاب وإلا قتل ردة، وإن كان ما امتنع عنه معصية وليس كفرا ألزم بها بالحدود الشرعية إن وجدت أو بالعقوبات التعزيرية، ولا يكفر إلا بالجحود أو الاستحلال، أما الطائفة الممتنعة عن القدرة فإنها لا يطلب منها سوى الرجوع إلى ما خرجت عنه من الشريعة، فإن أبت فإنها تقاتل قتال كفر وردة، ولا ينظر في حقهم في الشروط والموانع، ولا يستتابون، بل يطلق عليه الحكم مباشرة لتعذر النظر في الشروط والموانع لامتناعها عن القدرة، إذ هم لم يسلموا أنفسهم للمسلمين ولا سلموا بشرعهم وحكمهم حتى ينظر لهم في ذلك، فلا يقال في حق من كانوا كذلك أنهم لم تقم عليهم الحجة خصوصا إذا كانوا مع الامتناع محاربين للدين وللمسلمين، وكان حال المسلمين مع هذه الطائفة حال الدفع لا الطلب كما يكون في حال كفار لم تبلغهم الدعوة ودهموا بلاد المسلمين، فإنه يجب في الحالة دفعهم وتباح