والممتنع عن الشرع قد يكون فردا كتارك الصلاة، وقد يكون طائفة كبقايا بني حنيفة الذين استتابهم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
والممتنع عن القدرة قد يكون فردا كعبد الله بن أبي سرح الذي ارتد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وامتنع باللحاق بمكة قبل فتحها وكانت دار حرب، وقد يكون طائفة كالمحاربين قطاع الطرق والمرتدين الممتنعين.
-مجرد الاعتصام بالإسلام من غير التزام بشرائعه ليس بمسقط للقتال، حتى ولو مع إلإقرار بتلك الشرائع وعدم جحودها، بل القتال واجب حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.
-قال شيخ الإسلام"أجمع علماء الأمة على أن كل طائفة ممتنعة عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها حتى يكون الدين كله لله، فأيما طائفة امتنعت عن بعض الصلوات المفروضة أو الصيام أو الحج أو عن التزام تحريم دماء والأموال والخمر والزنا والميسر أو نكاح ذوات المحارم أو عن التزام جهاد الكفار أو ضرب الجزية على أهل الكتاب وغير ذلك من واجبات الدين ومحرماته التي لا عذر لأحد في جحودها وتركها والتي يكفر الجاحد لوجوبها، فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها وإن كانت مقرة بها، وهذا مما لا أعلم فيه خلافا عند العلماء"انتهى من المجموع.
قال تعالى"وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله"فإذا كان الدين بعضه لغير الله وجب القتال حتى يكون الدين كله لله، وعلى هذا جرى عمل الصحابة رضوان الله عليهم، فروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر وكفر من كفر من العرب، قال عمر بن الخطاب لأبي بكر: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله"فقال أبو بكر"والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه"فقال عمر بن الخطاب: والله ما هو إلا أن رأيت أبا بكر قد شرح صدره للقتال فعرفت أنه الحق"وقد قاتلهم أبو بكر والصحابة واتفقوا على قتالهم ولم يحدث بينهم خلاف فيهم، حتى عمر رضي الله عنه رجع إلى قول أبي بكر في القتال."
-اتفق الصحابة على أن الطائفة التي امتنعت عن الزكاة في وقتهم أنها طائفة كفر وردة وأنهم مرتدون، فإنهم قاتلوا جميع طوائف الردة على اختلافها في سبب الردة حيث أن بعضها أتباع لمسيلمة وبعضهم أتباع لطليحة المتنبئين وبعضهم من منع الزكاة ومع ذلك سموا جميعا أهل الردة وحكموا فيهم بحكم واحد وهو قتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم وغنيمة أموالهم والشهادة على قتلاهم بالنار وهذه الأحكام إنما تكون في الكفار ولم ينقل أنهم خصوا أحد ممن قاتلوه بحكم غير هذا ولو فعلوا لنقل فإن هذا مما تتوافر الهمم على نقله، وقد نقل الإجماع على هذه المسألة الجصاص في أحكام القرآن وأبو يعلى وشيخ الإسلام في الفتاوى فقال رحمه الله في التتار وهم طائفة ممتنعة في وقته"وكل من قفز إليهم من أمراء العسكر وغير الأمراء فحكمه حكمهم وفيهم من الردة عن شرائع الإسلام بقدر ما ارتد عنه من شرائع الإسلام وإذا كان السلف قد سموا مانعي الزكاة مرتدين مع كونهم يصومون ويصلون ولم يكونوا يقاتلون جماعة المسلمين فكيف بمن صار مع أعداء الله ورسوله قاتلا للمسلمين"انتهى من الفتاوى، وقال الشيخ محمد بن