الصفحة 91 من 108

وأما هذه القاعدة، فإن الاستدلال بالمفسدة على إلغاء حكم من الأحكام، إن أريد به إلغاؤه لمدة قليلة، أو في مكان دون مكان، صح، بخلاف ما إذا أريد به تعطيل أصل الحكم، كما يفعل من يريد تعطيل الجهاد، فيستدل بشيء من أدلتهم المعروفة، والتي لو طردت لأغلق باب شعيرة الجهاد بالكلية.

-أن الضرر الخاص يحتمل لدفع الضرر العام.

وأما هذه القاعدة، فتفيد احتمال ضرر قتل الترس مثلاً لدفع الضرر عن عموم المسلمين، كما تفيد احتمال وقوع شيء من الخوف والجوع ونقصٍ من الأموال والأنفس والثمرات في شيء من بلاد الإسلام، لدفع الضرر عن عامة بلاد المسلمين.

-أن الناظر في المصالح والمفاسد في أمر يكون نظره فيه لكل من يناله هذا الأمر من المسلمين.

وأما هذه القاعدة، فهي ترد على من يقيس المصالح والمفاسد في بلد من بلاد الإسلام، ويجزم بترجيح المفسدة، دون أن يكون في نظرِه أصلا، ما تحصله من مصالح في بلاد المسلمين الأخرى، فجهاد الكفار يحقق مصلحة النكاية التي هي السبيل إلى دفعهم عن بلاد الإسلام، وكلما وسِّع ميدان القتال ازدادت النكاية أضعافا كثيرة، من جهة الخوف والرعب، ومن جهة تكاليف الأمن المرهقة لاقتصادهم، ومن جهة توقعهم للعمليات في كل بلد فيه مسلم يخشونه، ومن جهة تعطل مصالحهم التي هي حرب لله ورسوله في كل بلد.

ومشروع المجاهدين مشروع جهادي عالمي، محصله لمجموع الأمة، وهؤلاء المناوئين لهم ينظرون للمصلحة والمفسدة من جهة واحدة وبلد واحد فقط، ويُغفلون عند النظر بلاد المسلمين الأخرى، ولا يلتفتون إليها، ولا يوردون ذكرها، ولا هم يسعون في دفع العدوان عنها بما يندفع بمثله، ولا يحرضون على ذلك.

-أن ترك أصول الدين ووقوع الشرك أعظم المفاسد على الإطلاق فإنه أعظم ذنب عصي الله به ومخالف للمقصود من خلق الخلق من كل وجه، وأن تحقيق التوحيد وعبادة الله تعالى هو أعظم مصلحة على الإطلاق كما قال تعالى"وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"ومما يدل على أن تحقيق التوحيد أعظم مصلحة أن الله تعالى بين أن الأعمال المبنية غير المبنية على التوحيد هي حابطة كأنه لا وجود لها كالسراب.

وأما هذه القاعدة، مهمة في الرد على دخل في الديموقراطية والبرلمان وفعل الشرك بحجة المصلحة، وفي الرد على من والى الكفار، أو سوغ ذلك، أو اعتذر لمن فعله بحجة المصلحة، فإنهم لن يحصلوا مصلحة أعظم مما فوتوه من التوحيد، ولن يتقوا مفسدة أعظم مما وقعوا فيه من الشرك.

ولا يُورد على هذا لزوم قتال كل كافر على الفور، والخروج على كل حاكم مرتد مهما كانت القوة والقدرة، فإن حديثنا عن الموازنة بين فعل الرجل للشرك وركوبه المفسدة، وبين حفظه للتوحيد وتحصيله المصلحة، لا عن تأخير إزالة الشرك الذي يفعله المشركون.

-أن تقدير المفسدة في أمر، يكون لأهل العلم الشرعي والمعرفة الدنيوية به.

ومن هذه القاعدة تعلم أن من لا يعرف جنس المصالح الواقعة في الجهاد، ولا بصر له به من تجربة أو دراسة ومعرفة تقوم مقام التجربة، لا يمكنه النظر في عين المفسدة

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام