الصفحة 94 من 108

وكذا ما جاء في حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نفر ستة، فقال المشركون: اطرد هؤلاء عنك فلا يجترئون علينا، فوقع في نفس النبي صلى الله عليه وسلم ما شاء الله وحدث به نفسه، فأنزل الله"ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ...."رواه مسلم.

ولو طلبت الحكومات الشركية من بعض الإسلاميين طرد المجاهدين أو الدعاة أو فصلهم مقابل مكاسب سياسة لسارعوا لذلك، مع أنه منهي عنه"ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ..."فهم طلبوا مجلسا أو اجتماعا دوريا من الرسول صلى الله عليه وسلم مقابل طرد نفر من أهل التوحيد مع أن عقد اجتماعات مع أهل الشرك فيه مصلحة، لكن كان بثمن محرم، وهذا الكلام الذي قلنا ينطبق أيضا على قصة ابن أم مكتوم مع النبي صلى الله عليه وسلم حين أقبل عليه يريد الإرشاد فعبس في وجهه وأقبل يدعو صناديد قريش وعاتبه الله لأجل ذلك.

5.قوله صلى الله عليه وسلم"إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا"رواه مسلم، فلا يقبل من الطرق الدعوية إلا ما كان طيبا، وليس في الكفر والشرك والمعصية شيء طيب.

6.إجماع السلف على تحريم وضع الأحاديث في الفضائل وإن تضمن ذلك مصلحة إقبال الناس على القرآن أو الطاعات ونحوها.

وقد أفتى شيخ الإسلام كما في الفتاوى في شيخ من المشايخ كان يقيم سماعا بدف بشعر مباح لأصحاب الكبائر فيتوب منهم جماعة، فذكر في فتواه إن ما يهدي الله به الضالين ويرشد به الغاوين ويتوب به على العاصيين لابد أن يكون فيما بعث الله به الرسول صلى الله عليه وسلم، والشيخ المذكور قصد أن يتوب المجتمعين عن الكبائر فلم يمكنه ذلك إلا بما ذكره من الطريق البدعي يدل على أن الشيخ جاهل بالطرق الشرعية التي بها تتوب العصاة أو عاجز عنها، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين كانوا يدعون من هو شر من هؤلاء من أهل الكفر والفسوق والعصيان بالطرق الشرعية التي أغناهم الله بها عن الطرق البدعية، وقد علم بالاضطرار والنقل المتواتر أنه قد تاب من الكفر والفسوق والعصيان من لا يحصيه إلا الله تعالى من الأمم بالطرق الشرعية التي ليس فيها ذكر من الاجتماع البدعي، وقال إنه لا يجوز لهذا الشيخ أن يجعل الأمور التي هي إما محرمة؟ أو مكروهة؟ أو مباحة؟ قربة وطاعة، وقال أيضا إن فاعل هذا ضال مفتر باتفاق علماء المسلمين مخالف لإجماع المسلمين.

وقال أيضا في الفتاوى"أما الإنسان في نفسه فلا يحل له أن يفعل الذي يعلم أنه محرم لظنه أنه يعينه على طاعة الله"انتهى.

وأما الاستدلال بحادثة صلح الحديبية والاتفاق الذي حصل بين النبي صلى الله عليه وسلم والمشركين على وضع الحرب عشر سنين، بشرط تسليم المسلمين الذين يفرون من المشركين وإرجاعهم إليهم وعلى عدم العكس أثناء فترة الصلح، فعن أنس رضي الله عنه أن قريشا صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم، فاشترطوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن من جاءنا منكم لم نرده عليكم، ومن جاءكم منا رددتموه علينا، فقالوا: يا رسول الله أنكتب هذا؟ قال:"نعم إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجا ومخرجا"رواه مسلم، فالاستدلال به على التنازل عن شيء من الثوابت الدينية أو على جواز تولي الكفار على المسلمين لمصلحة الدعوة أو غيرها من المصالح المدعاة باطل،

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام