الصفحة 84 من 108

وقد قاتل هؤلاء الخوارج الذين أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه والصحابة معه، وظهرت هذه الصفات منهم، وظهر أيضا من أصول أولئك أنهم يكفرون بكبائر الذنوب، ويكفرون بالمتشابه كما في قضية التحكيم بين الصحابة، وكذا يكفرون الصحابة.

وقد تطورت تلك الأصول في التكفير إلى عصرنا الحاضر حتى صار من أصولهم التكفير بالعموم فإذا كفر الحاكم عندهم كفر المحكوم وبناء تكفير جميع الشعوب الإسلامية التي يحكمها الطواغيت فعندهم أن الأصل في الشعوب الإسلامية اليوم هو الكفر، وصار أيضا من أصولهم التكفير بالظنون والشبه واللوازم والتسلسل، وكذا عدم التفريق بين التكفير المطلق وتكفير المعين، وكذا تكفير من يكفر الكافر من دون تفصيل.

فما لم توجد هذه الصفات والأصول في فرقة ما، فليسوا خوارج، وإلا لما تميز هؤلاء الخوارج عن غيرهم.

وعليه فدعوى كثير من علماء السوء والمتعالمين وغيرهم من أن المجاهدين في سبيل الله خوارج، هي مجرد دعوى بلا بينة، بل ليست مجرد دعوى بل أقول سبحانك هذا بهتان عظيم.

فأين هذه الصفات في المجاهدين، فالمجاهدين اليوم يقتلون أهل الأوثان، ويحاربونهم في كل مكان، ويَدَعون أهل الإسلام ويعظمون حرمة المسلمين، بل إنهم لم يخرجوا للجهاد ويفارقوا أهلهم وديارهم وأموالهم ويضحّوا بأنفسهم إلا في سبيل الدفع عن المسلمين وحرماتهم، وهذا أصل جهادهم، وكذا يجاهدون المرتدين الجاثمين على صدر هذه الأمة.

فإن قيل: إن هؤلاء المجاهدين يقاتلون الحكام المسلمين وعساكرهم في بلاد الإسلام؟

فالجواب: من قال إن هؤلاء الحكام الطواغيت وأنصارهم مسلمين، وقد جمعوا جميع نواقض الإسلام أو أغلبها، وشرّعوا القوانين الشركية ووالوا أعداء الله في كل مكان على المسلمين ولا يزالون، وقد بيّنا حكمهم فيما سبق، فقتال هؤلاء وقتلهم واجب بالإجماع كما سبق ذكره وسيأتي ذكره أيضا، وقد قاتل أبو بكر الصديق المرتدين في زمنه وجعل جُلَّ جهاد عصره فيهم حتى أنهاهم، ثم تحول إلى قتال أهل الأوثان، أفيكون بذلك خارجيا عندكم؟ وحاشاه ذلك رضي الله عنه، مع أن هؤلاء الحكام المرتدين في هذا العصر هم أشد ردة وكفرا ونفاقا وأرصادا لمن حارب الله ورسوله من الذين قاتلهم أبو بكر رضي الله عنه، بل إن بعض من قاتله أبو بكر لم يقع منه إلا أن منع الزكاة فقط، فهل أبو بكر رضي الله عنه بهذا يقتل أهل الإسلام ويدع أهل الأوثان.

فإن قيل: إن هؤلاء المجاهدين يقتلون المدنيين المسلمين في عمليات التفجير التي تحدث داخل المدن؟

فالجواب: أمّا ما يحصل من قتل للمدنيين المسلمين في عمليات تفجير فهو على حالين:

الأول: أغلبه مفتعل من قبل استخبارات العدو، لتشويه صورة المجاهدين عند الشعوب المسلمة، لكي يتهم المجاهدون بقتلهم المسلمين ويعادون وتترك نصرتهم بسبب ذلك، وليس للمجاهدين به أي صلة.

الثاني: ما يكون المجاهدون فعلوه حقيقة، وهذا على أقسام:

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام