الصفحة 82 من 108

والحفاظ عليها ويقدمها على مصلحة الدين إلا كحال كفار قريش عندما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم"وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا".

ثالثا: أن حجة المحافظة على الأمن والواقع صحيحة لو كان الواقع مرضيا شرعيا وكان العامل على تغييره يريد الاستزادة من الخير والاستكثار من نوافل الطاعات ويسعى إلى الكمال أو مقاربته، أما والواقع مليء بالكفر والمنكرات والشرك والموبقات والتي هي كل يوم في ازدياد واستشراء في الأمة فلا.

ثالثا: أنه لا يمكن تحصيل الأمن بغير الطرق الشرعية، فقد جعل الله الأمن للذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم كما ذكر في كتابه، فمن أراد أن يحصل الأمن بغير الإيمان فقد ضل السبيل، فضلا عمن يطالب بترك الإيمان لأجل الأمن.

رابعا: أنه لا بد للإنسان من المرور بالخوف كما قال تعالى:"ولنبلونكم بشيءٍ من الخوف والجوع ونقصٍ من الأموال والأنفس والثمرات وبشِّر الصابرين"وإذا بعث الرسل إلى أممهم كان أمام من آمن منهم البلاء والامتحان يعقبهما اليسر والفرج، وأمام من لم يؤمن العذاب والبلاء، يعقبه خزي الآخرة ولعذاب الآخرة أخزى.

بل إن ما يشتكيه كثير اليوم من ذهاب الأمن إذا استجابوا لله والرسول، وموازنتهم بين الأخذ بفريضة الجهاد، والركون إلى الدعة والأمن، هو عين الابتلاء المذكور، فمن يُبتلون بالخوف لا يكون لابتلائهم معنى إن لم يكن الأمن متخايلا لهم في طريق الضلالة إن هم سلكوه.

وقد ذاق الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخوف مرارا، حتى كان من أخبارهم في أحد والخندق وغيرها ما كان، وثبتوا وصبروا لعلمهم بأمر الله وحكمه، وعاقبة الاستجابة له والامتثال لأمره.

ولما نوزع أبو بكرٍ الصديق رضي الله عنه في إخراج الجيوش من المدينة، وبقاء المدينة بلا حامية تحميها، قال قولته المشهورة: والله لو أخذت الكلاب بأرجل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ما تركت إنفاذ الجيش، أو كما قال رضي الله عنه.

وأما الاحتجاج بعدم القدرة على الخروج فذلك لا يجيز الانكار على من خرج أو حاول، ثم إن على من لم يقدر وعجز وجوب الإعداد كما سبق بيانه إن كان صادقا في تلك الحجة، فإن إعداد العدة للقتال فيه دلالة على صحة النية في القتال وصدقها كما قال تعالى"ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة".

-اعتقاد بطلان شرعية هؤلاء الحكام المرتدين وطاعتهم، وبطلان جميع قوانينهم المخالفة لشرع الله، وبطلان جميع عهودهم ومعاهداتهم واتفاقاتهم المحلية والإقليمية والدولية لبطلان أصل ولايتهم وسقوط شرعيتهم

-عدم الرضى والقبول بالإصلاحات الجزئية التي يقدمها الطواغيت والحكام المرتدين للدعاة والعلماء لخداعهم بها من تسهيلات للدعوة أو إتاحة الندوات والمحاضرات أو إتاحة الدخول في العملية السياسية وظهور بعض النتائج السطيحة لذلك من التزام رجل أو تحجب فتاة ونحو ذلك، لكي يتم إسكاتهم بها عن طلب إصلاح الرأس والإصلاح الشامل بجهاد الطاغوت والخروج عليه وإسقاطه والتغافل عن ذلك، أو لكي يقدموا التنازل عن بعض الثوابت الدينية، وحال هؤلاء كمن ينشغل بقطع ذنب الثعبان ويترك الرأس، فالشر باق ببقاء الرأس، وماذا ينفع الغريق إن كان إصبعه جافا، فالأمة

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام