ويكفرون من باب تحاكمهم إلى الطواغيت سواء المحلية أو الدولية الكفرية المخالفة لشريعة الإٍسلام والرضا بأحكامها.
وهذا على سبيل الاختصار ولو أسهبنا في ذلك لطال بنا الكلام.
-وجوب الخروج على الطواغيت والحكام الكفار والمرتدين المتسلطين على بلاد المسلمين وقتالهم مع القدرة، وأن ليس لكافر ولاية على المسلمين، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه فقال"فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان"رواه البخاري، فهؤلاء الطواغيت أولا كفار لا يجوز إقرار ولايتهم على المسلمين، وقد أتوا من نواقض الإسلام بأغلبها إن لم يكن كلها عيانا بيانا بغير خفاء ولا لبس، وثانيا فإنهم ليسوا مستوفين لشروط الإمامة الصحيحة ولا حتى المجمع عليها فقط، وثالثا لم تنعقد لهم بيعة صحيحة، والبيعة الصحيحة لا تكون إلا على الحكم بالكتاب والسنة، ورابعا فإنهم لا يقومون بواجبات الإمامة المنوطة بهم من حفظ الدين وإقامة الجهاد وحفظ بيضة المسلمين وغير ذلك.
ومن يقول بتحريم الخروج على الطواغيت فقوله مخالف مخالفة صريحة للكتاب والسنة وإجماع السلف والخلف، فيجب الخروج عليهم ولو أدى إلى سفك الدماء والقتل، فهذه طبيعة الجهاد لابد فيه من سفك الدماء وتناثر الأشلاء ووجود الأيتام والأرامل، لكن فيه من العزة والكرامة وحفظ الدين للأمة الإسلامية ما يربوا على هذه المكاره كلها، ولابد للكرامة من ضريبة، والسلامة والنصر لا يجتمعان، وشجرة الظفر والتمكين لا تبسق شاهقة إلا بالدماء والاستبسال، ولو ترك المسلمون الجهاد لأجل الدماء التي تراق وتجلب عليهم من الجهاد لم تقم لهم قائمة ولا رفعت راية الجهاد في يوم من الأيام، قال شيخ الإسلام في الفتاوى"ولا يترك الجهاد الواجب لأجل من يقتل شهيدا"انتهى، أضف إلى هذا أن تكاليف القعود عن الجهاد من خسائر ودماء أضعاف أضعاف تكاليف الجهاد فلا تحقن الدماء إلا بسفك الدماء، وأضف أيضا إذا كان تكاليف القعود هو فتنة الناس عن دينهم ونشر الكفر بينهم، فلا يجوز ترك الخروج عليهم بحجة أنه يؤدي إلى سفك الدماء والقتل كما قال تعالى"والفتنة أشد من القتل"وقال"والفتنة أكبر من القتل"والفتنة هنا الكفر، فبيّن أنه أشد من القتل، فبقاء الكفر والسكوت عليه أشد وأكبر من القتل، ولا مفسدة أعظم من الكفر، فمصلحة حفظ الدين أوجب من مصلحة حفظ النفس، ونحن نرى من يتباكى ويخاف على بعض الدماء التي تُراق عند الخروج على الطاغوت وهي في سبيل الله وعلى الله أجرها، ولا نرى من يتكلم في الدماء التي تسيل أنهارا وبحارا في سبيل الطاغوت، وضريبة الذل والركون إلى الطواغيت المارقين هي أشد كلفة وفتنة وتضحية وبلاء من ضريبة الخروج عليهم وجهادهم.
وكذا لا يجوز الاحتجاج على عدم الخروج بأن الخروج قد يؤدي إلى انعدام الأمن أو الاحتجاج بالحفاظ على نعمة الأمن والواقع، لأمور:
أولا: أنه لاشك أن الأمن نعمة ومصلحة وضرورة، ولكن الحفاظ على نعمة ومصلحة الدين أولى وأوجب من الحفاظ على مصلحة الأمن، وما حال من يحتج بنعمة الأمن