الصفحة 79 من 108

طاعة لم تجب بالشرع ابتداء، فهنا تكون الطاعة واجبة لا من جهة الشرع ابتداء ولكن من جهة الوفاء بالعهد والعقد والبيعة، وقد جاءت الأدلة الكثيرة توجب الوفاء بالعقد والعهد كما قال تعالى"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"وقال تعالى"وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا".

وهناك فرق بين البيعتين الأولى والثانية من حيثيات كثيرة منها:

بيعة إمام المسلمين يعقدها أهل الحل والعقد أو الخليفة السابق بعهد منه إلا إن غلبهم أحد بالسيف.

أما بيعات الناس وعهودهم على الطاعات فلا تفتقر إلى ذلك، ولا يجوز أن يُسمى من يختاره بعض الناس أميرا عليهم في طاعة من الطاعات خليفة ولا أميرا للمؤمنين، ولا أن يعطى ما لأمير المؤمنين من الحقوق ولا ينزل منزلته.

في بيعة إمام المسلمين يجب أن يكون الإمام مستوفيا لشروط الإمامة، وقد تستثنى بعض الشروط لمن غلب وقهر.

أما البيعة الخاصة فلا تلزم هذه الشروط.

بيعة إمام المسلمين دائمة لا تنقطع إلا إذا مات الإمام أو طرأ عليه سبب يوجب العزل.

أما البيعة الخاصة فيمكن أن يوضع لها أجل ومدة.

-عدم الخروج على أئمة المسلمين وولاة أمرهم وإن جاروا، وعدم نزع يد الطاعة إن أمروا بالمعروف، وأن طاعتهم واجبة ما لم يأمروا بمعصية، فإن أمروا بها فلا طاعة لهم فيها.

-جاءت الشريعة بهجر سلاطين الفسق والفجور والظلم وإن كانوا مسلمين واعتزالهم واعتزال العمل أيضا عندهم، تبكيتا لهم وحتى لا يتقووا على عملهم وظلمهم وباطلهم ومنكرهم بالصالحين وبمن يدخل معهم، فقال تعالى"ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار"وقال صلى الله عليه وسلم"ليأتين عليكم أمراء يقربون شرار الناس ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها، فمن أدرك ذلك منهم، فلا يكونن عريفا ولا شرطيا ولا جابيا ولا خازنا"رواه ابن حبان، وحسنه الألباني في التعليقات الحسان، وقال صلى الله عليه وسلم"يليكم عمال من بعدي يقولون ما يعلمون، ويعملون بما يعرفون، وطاعة أولئك طاعة، فتلبثون كذلك دهراً، ثم يليكم عمال من بعدي يقولون ما لا يعلمون، ويعملون ما لا يعرفون، فمن ناصحهم ووازرهم وشد على أعضادهم، فأولئك قد هلكوا وأهلكوا، خالطوهم بأجسادكم وزايلوهم بأعمالكم"رواه الطبراني، وصححه الألباني في الصحيحة، وقوله"فقد هلكوا وأهلكوا"وذلك لما يترتب على المناصحة والمؤازرة والخلطة لسلاطين الجور من تقويتهم على باطلهم وظلمهم وإعانتهم على منكرهم، ولما يترتب عليه من إضلال للناس، وتزيينٍ لباطل السلاطين هؤلاء في أعين الناس، فيقولون: لولا يكون هذا الحاكم أو السلطان على حق وصواب لما خالطه هؤلاء، ولما ناصحوه، وآزروه، وبخاصة إن كان هؤلاء من ذوي العلم والشرف، والمكانة الرفيعة في أعين الناس، وقال صلى الله عليه وسلم"سيكون أمراء تعرفون وتنكرون، فمن نابذهم نجا، ومن اعتزلهم سلم، ومن خالطهم هلك"رواه الطبراني، وصححه الألباني في صحيح الجامع، وقال صلى الله عليه وسلم"اسمعوا هل سمعتم أنه سيكون بعدي أمراء فمن دخل عليهم فصدّقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه، وليس بواردٍ علي"

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام