الصفحة 69 من 108

رسول الله لا تغر على قوافل قريش فتستعدي قريشا، يا رسول الله لا تقاتل الكفار في الجزيرة فيجتمعوا على حربك، يا رسول الله لا تحتشد الجيوش لقتال قيصر وإن حشد الجيوش لاستئصال الإسلام فإنه لا قبل لك بهرقل وجنوده وعليك بالحوار والنقاش البناء"."

-ترك الجهاد هو أصل الفتنة كما قال تعالى"ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا"فمن ترك الجهاد بحجة الأمن من الفتنة، فقد وقع فيها من حيث لا يشعر وشابه المنافقين في ذلك.

-أن قتال الفتنة الذي أمر الشرع باعتزاله هو القتال الذي يكون بين المسلمين بين المبطلين أولا يعرف فيه المحق من المبطل، ولا الباغي من غيره، أو القتال الذي يكون بينهم على طلب الملكة والسلطة والنفوذ أو القتال من أجل العصبية ونحوها، فهذا يعتزل، لكن لم يقل أحد من المسلمين على مر التاريخ أن جهاد الكفار والمرتدين الذين داهموا ديار المسلمين هو قتال فتنة كما يقوله الخوالف في هذا الزمان وعلى هذا يعتزل، فإن هذا مخالفة صريحة لنصوص الكتاب والسنة المستفيضة وكذا إجماع العلماء الآمرة بجهاد هؤلاء لكن نقول لمن قال ذلك"ألا في الفتنة سقطوا".

-أن ساحة الجهاد قد تجمع المؤمن والمنافق والفاجر وفاسد النية وأقوام لا خلاق لهم، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال"إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر"رواه البخاري، وقال صلى الله عليه وسلم"إن الله سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم"رواه أحمد، وصححه الألباني في صحيح الجامع، وكذا حديث الرجل الذي أبلى بلاء حسنا في القتال فقال النبي صلى الله عليه وسلم"هو في النار"فكان آخر آمره أن انتحر، وكذا المنافقون كانوا يغزون مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكل من سبق ذكره كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووجود هؤلاء ليس مبررا للقعود عن الجهاد أو ترك نصرته وتأييده أو القدح فيه بحجة أن بالصف مجروحين، فقد قام الجهاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع وجود هؤلاء.

-الجهاد كغيره من التكاليف يناط وجوبه بالقدرة عليه، لكن وجود نوع من الضعف لا يعني سقوط الواجب بالكلية، وإنما يتعين على الإنسان فعل ما يستطيعه من قتال الكفار والمرتدين، والقاعدة تقول"أن المقدور والميسور لا يسقط بالمعسور""وما لا يدرك كله لا يترك جله"فالإنسان لا يكلف إلا وسعه، لكنه يحاسب إن فرط فيما يقدر على فعله، وهذا معنى إن التكاليف منوطة بالقدرة أي منوطة بها وجودا وعدما، والواجبات منها ما لا يقبل التجزئة فيسقط كلية بالعجز كالحج، ومنها ما يقبل التجزئة فيجب القيام بما أمكن منه ومن ذلك الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين"صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب"رواه البخاري، ومن ذلك جهاد الدفع فيجب بحسب الإمكان كما قال شيخ الإسلام، ولا يسقط بالكلية، ومن ذلك أيضا جهاد الحاكم الكافر المرتد فيجب على المسلمين قتاله حسب القدرة، ولا يسقط عنهم قتاله بالكلية، فإذا كان المسلمون في ظرف من الزمان عاجزين عن إسقاط الحاكم بشكل كامل، فهم غير عاجزين عن تكوين تنظيم أو تجمع يسعى لتحصيل القدرة من أجل القيام بهذه العملية، ويقوم مبدئيا بزعزعة استقرار هذا الحاكم قبل التمكن من القضاء عليه، فالمسلمون اليوم ليسوا عاجزين تماما عن جهاد الكفار والمرتدين بل يوجد عندهم نوع من القدرة على ذلك، وأيضا فإن القدرة شرط للوجوب الجهاد وليست شرطا في صحته وجوازه،

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام