الصفحة 70 من 108

وقد أثبت الواقع قدرة المجاهدين اليوم على مجابهة أي قوة على وجه الأرض مهما بلغت في التقنية والقوة فقد هزموا سابقا الاتحاد السوفيتي وأسقطوه وتسببوا في تفككه وهو من القوى العظمى على وجه الأرض، وهاهم اليوم يوقعون الهزائم بأمريكا أقوى دولة في العالم، ويحققون الانتصارات عليها ويحملونها من الخسائر البشرية والمادية والاقتصادية والنفسية شيئا لم تتحمله من قبل، فإذا كان هذا حالهم مع هاتين القوتين فكيف بما دونها من القوى الصغرى.

-لا يشترط في صحة الجهاد التكافؤ مع الأعداء في العدد والعدة والحضارة والتكنولوجيا، فإن الصحابة رضي الله عنهم الذين فتحوا مشارق الأرض ومغاربها وجاهدوا في سبيل الله لم يكونوا في يوم من الأيام أقوى من عدوهم من حيث ذلك بل كان العدو متفوقا عليهم في جميع ذلك، إلا ما كان في غزوة حنين التي حصل فيها انهزام للمسلمين في بداية الأمر، ففي العدد كان العدو في أغلب المعارك أضعاف عدد الصحابة، ومن حيث العدة كان العدو يمتلك من الأموال والذخائر والآلات الحربية والجيوش المتمرسة في الحروب وما يصطحبون معهم من الفيلة والخيول والأسلحة وغير ذلك ما ليس عند الصحابة، ومن حيث الحضارة والتكنولوجيا كان العدو من فارس والروم قد بلغوا من الحضارة في ذلك الوقت ما يفوقون به الأمة الأمية وهم العرب أضعافا مضاعفة، بل ولا مقارنة في ذلك، ومع ذلك نصرهم الله على عدوهم ونشروا الإسلام في شتى بقاع الأرض، فالعدد والعدة لا تغني شيئا إلا بأذن الله تعالى، كما قال تعالى"ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين"وقد قال تعالى واصفا إنفاق الكفار على عددهم وعدتهم للصد عن سبيل الله"إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون"فأخبر أن مصير إنفاقهم ذلك إلى الحسرة والهزيمة لهم، وخبر الله صادق لا يتخلف.

-يجب السعي في فكاك أسرى المسلمين، كما قال صلى الله عليه وسلم"فكوا العاني"رواه البخاري، وذلك يكون بكل وسيلة مشروعة من فداء بمال أو تبادل أسرى أو غيره، فإن لم يمكن إلا بالجهاد تعين الجهاد لفكاكهم حتى يستنقذوا من الكفار كما قال تعالى"وما لكم ألا تقاتلوا في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا".

-قوام الدين بقرآن يهدي وسيف ينصر، فالجهاد بالسيف والسنان والحجة والبيان، فالدين لا يقوم على السيف دون الحجة، ولا على الحجة دون السيف، بل يقوم على السيف الذي تدعمه الحجة، وعلى الحجة التي يحميها السيف، قال تعالى"لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز".

-أن أفضل سبيل لانتشار الدعوة إلى الكفار والمسلمين هو الجهاد في سبيل الله الذي يثمر النصر والتمكين، ومجرد النصر والفتح هو سبيل عظيم لانتشار الإسلام والدعوة كما قال تعالى"إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين أفواجا"فكيف إذا اجتهد مع ذلك الدعاة وانتشروا، ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم في الفترة المكية مكث ثلاث

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام